"مرسى".. و"مذبحة بورسعيد"!
رغم يقينى التام بعدم جواز التعقيب على قرارات وأحكام القضاء.. إلا أنى، ولعدة أسباب، لم أستطع منع نفسى من التعليق على قرار محكمة جنايات بورسعيد بإحالة أوراق 21 متهمًا فى أحداث القضية الشهيرة بـ"مذبحة بورسعيد" إلى فضيلة المفتى.. خاصة وأن القائمة خلت من القيادات الأمنية المتورطة فى "المجزرة".
السبب الأول للتعليق هو غياب الشفافية وتضارب القرارات، وتداخل الاختصاصات.. فاللواء محسن راضى، مدير أمن بورسعيد، قال قبل جلسة الحكم بيومين: "على جثتى نقل المتهمين إلى القاهرة"، مؤكدا أنه لم تصل إليه تعليمات بنقل متهمى مجزرة بورسعيد من عدمه إلى أكاديمية الشرطة لحضور جلسة النطق بالحكم.. فإذا كان ما يقوله الرجل حقيقة، فلماذا لا يتم التحقيق معه، أو مع المسئول الأول الذى يصدر له الأوامر؟
ثانى الأسباب يرجع إلى اليوم السابق على الحكم، وما قاله الدكتور خالد علم الدين، مستشار الرئيس لشئون البيئة على قناة الجزيرة مباشر مصر، بأن الرئاسة قررت عدم ترحيل المتهمين فى القضية إلى القاهرة، والإبقاء عليهم فى بورسعيد.. ولا تسألنى عن علاقة مستشار الرئيس لشئون البيئة بالأمور الأمنية، اللهم إلا إذا كانت الأمور فى مؤسسة الرئاسة تدار بطريقة "الكشرى".
ثالثا: تكذيب وزير العدل المستشار أحمد مكى لما قاله مستشار الرئيس لشئون البيئة، وأيضا على قناة الجزيرة.. وتأكيد "مكى" على ترحيل المتهمين من بورسعيد إلى القاهرة.. فهذا التضارب لمصلحة مَنْ؟ ومَنْ المستفيد منه؟ وما الهدف من ورائه؟
رابع الأسباب هو بقاء "المتهمين" بسجن بورسعيد العمومى، رغم إصرار رئيس المحكمة على إحضارهم لحظة إصدار الحكم، وهو ما لم يحدث؛ إذ حضرت قيادات الشرطة المتهمة فى القضية فقط، وكأن هناك سيناريو معدًّا سلفًا للإبقاء على المتهمين داخل سجن المحافظة، حتى إذا ما صدر الحكم يتوجه أهالى المتهمين إلى السجن لإخراج ذويهم بالقوة، وإحداث حالة من الفوضى للتغطية على أمور بعينها، وهو ما حدث بالفعل.
خامسا: إذا كان النائب العام الذى عينه الرئيس "مرسى" قال: إن هناك أدلة جديدة تثبت تورط المتهمين، فلماذا لم تقدم هذه الأدلة إلى المحكمة؟ وإذا تم تقديمها بالفعل، فلماذا لم تصدر المحكمة حكمها بالإدانة على القيادات الأمنية المتورطة فى نفس الجلسة التى أصدرت فيها قرارها على المتهمين الـ21، بدلا من الانتظار إلى جلسة 9 مارس المقبل.
سادسا: جاء من بين المحالين أوراقهم للمفتى 5 أخلت النيابة سبيلهم على ذمة القضية, من بينهم مهندس كمبيوتر أخلت النيابة سبيله بعد حبسه 4 أيام على ذمة القضية، أى أنه لم يثبت عليه أى اتهام.. فإذا كان متهمًا رئيسيًّا فى الجريمة، لماذا لم يتم سجنه مع بقية المتهمين، بدلا من تركه حرًّا طليقًا طوال هذه الفترة؟
سابعا: لنا أن نعلم أن الضحايا الذين سقطوا حتى الآن تجاوزوا 37 قتيلا، من بينهم ضابط وأمين شرطة، بجانب أكثر من 320 مصابا، وذلك عقب محاولة أهالى المتهمين اقتحام السجن الموجود به ذَوُوهم، اعتراضا على حكم المحكمة، أى أن عدد القتلى تجاوز عدد المحالين أوراقهم إلى المفتى بمرة ونصف المرة.
ثامنا: نتمنى أن يخرج علينا مسئول يمتلك من الشجاعة ما يكفى لأن يخبرنا بحقيقة ما حدث فى هذه المجزرة.. مَنْ الذى خطط ودبّر، ومَنْ الذى موّل، مَنْ الذى تواطأ، ولصالح مَنْ تم كل ذلك؟
وإلى أن أتلقى إجابة شافية ليس أمامى إلا الرئيس "مرسى" لأحمله مسئولية ما حدث!