رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا.. التهمة الغائبة هذه المرة !


منذ وعيت وأنا أسمع تهمة العمالة لجهات أجنبية تلقي جزافا على كل معارض للنظام في مصر.. رغم أن تهمة العمالة تهمة خطيرة تحتاج إلى أدلة قاطعة لأنها تتعلق بالخيانة الوطنية إلا أنها كانت وما زالت تلقي من الأنظمة في مصر على معارضيها، ومئات سجنوا بسببها ظلما لكن الأنظمة التي تعاقبت على مصر لم تكف عن إطلاقها على المعارضين.


في سنوات الخمسينيات والستينيات كانت أمريكا وخاصة بعد عام 1956 وبالطبع إنجلترا وإسرائيل هم التهمة، لكن التهمة التي كانت أوسع انتشارا وتطبيقا بدون وجه حق هي تهمة العمالة للاتحاد السوفييتي.. رغم أن الاتحاد السوفييتي فى ذلك الوقت كان خير معين لمصر في خططها الاقتصادية والعسكرية.. دفع آلاف من اليساريين وغير اليساريين من معارضي النظام أو من ساء حظهم واقتربوا من المعارضين أغلي سنوات عمرهم في السجون.. واستمر الأمر مع الرئيس السادات في السبعينيات وصار أكثر وضوحا وكانت للرجل حسنة هي انتهاء التعذيب في السجون.

المهم هو إرباك المعارضين بالدفع بهم للسجن بين حين وآخر والنظام يعلم أنهم سيخرجون لأنه لا تهم حقيقية لهم، في الثمانينيات ظل النظام على ولائه لأمريكا وحفاظه على معاهدة السلام مع إسرائيل وظلت تهمة العمالة للاتحاد السوفييتي قائمة حتي انهار الاتحاد السوفييتي نهائيا عام 1991، وظهرت تهمة العمالة لأمريكا التي تمول الجمعيات الأهلية، حقوقية وغير حقوقية، صحيح لم يتم حبس أحد بهذه التهمة لكنها صارت طريقا لتلويث المعارضين، هذا رغم أن الدولة نفسها تتلقي تمويلا أمريكيا في جميع مؤسساتها الكبري تقريبا، منحا لإجراء برامح تدريبية وإجراء أنشطة اجتماعية وغير ذلك.. كبرت التهمة جدا بعد ثورة يناير، صار الحديث عن التمويل الأجنبي حديثا يوميا.

وأشهر قضية تمويل قامت الدولة فيها بتهريب المتهمين الأمريكان! وقيل الكثير عن النشطاء الذين دعوا لثورة يناير.. وبعضهم إن لم يكن كلهم طلبوا التحقيق فيما نسب وينسب إليهم من تدريب في الخارج وتلقي المنح وغير ذلك.. لا شيئا حقيقيا رأيناه أو عرفناه حتى الآن.. وكلام على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت وفي الصفحات الأولي للصحف وينتهي بهدوء رغم أنه لم يكن هادئا.

مع ثورة 30 يونيو انقطع الكلام.. لم يقل أحد عن شباب تمرد إنهم على اتصال بأمريكا ولا أوربا ولا أي جهة خارجية والحمد لله.
والسبب واضح جدا وهو أن أمريكا اعترضت بشدة على ما جري من عزل لمرسي وتعطيل الدستور وغير ذلك مما عرفناه.. بل وهددت وتوعدت وكذلك فعل الاتحاد الأوربي وتركيا وغيرهما، لم يجد الإخوان المسلمون فرصة لتلطيخ سمعة ثوار يونيو بأنهم عملاء أمريكا والغرب وإسرائيل لأنهم ببساطة راحوا يستعدون هؤلاء ضد الثورة بلا فائدة.

من هذه الزاوية أري فائدة الاعتراض الأمريكي كبيرة! لقد كشف لنا العملاء الحقيقيون الآن، للأسف كان نظام الإخوان عميلا لكل الدنيا إلا مصر والمصريين، ولماذا الأسف؟ قدر الله وما شاء فعل!
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية