الأطفال وضريبة الصراع السياسي
عاشت مصر قبل ثورة 25 يناير ظروفا اقتصادية واجتماعية سيئة، انعكست وبصورة سلبية على العديد من فئات الشعب، بما فيها الأطفال، فقد شاهدنا جميعا قبل الثورة، كيف تسبب إهمال نظام مبارك وفساده في فشل المنظومة التعليمية والصحية، وكيف انعكس ذلك وبصورة سلبية على الأطفال.
فقد ظل أطفال مصر طوال هذه الفترة يدفعون ثمن هذا الفشل لسنوات طويلة من المرض والجهل والتشرد في الشوارع، إلى أن قامت الثورة، واعتبرها الجميع بأنها ستكون بمثابة السفينة التي سيعبر بها الشعب كله دولة الإهانة وإهدار الحقوق إلى دولة الكرامة وصيانة جميع الحقوق، بما فيها حقوق الطفل.
وعلى الرغم من كل هذه الآمال العريضة التي عقدها الشعب على ثورة 25 يناير، إلا أن الوضع قد ازداد سوءا فيما يتلعق بأوضاع وحقوق الأطفال، فبعد أن كان الطفل المصري يدفع ثمن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة فقط، بات اليوم وللأسف يدفع معهما ثمن الظروف السياسية أيضا.
فقد شاهدنا جميعا بعد الثورة، كيف دفع الطفل أنس محيي الدين وغيره في استاد بورسعيد، أثناء المرحلة الانتقالية الأولى، ثمن استبداد النظام وتواطؤ الأجهزة الأمنية، وكيف استشهد أكثر من خمسين طفلا في أسيوط، أثناء فترة حكم مرسي، بسبب الإهمال، وأخيرا كيف دفع كل من الطفلتين مريم نبيل ومريم أشرف، في كنيسة العذراء، والطفل محمد بدوي زايد، في مسيرة أنصار مرسي بالعمرانية، ضريبة الصراع السياسي الدائر حاليا.
وعلى الرغم من بشاعة مشاهد مقتل الأطفال خلال المرحلة الانتقالية الأولى وفترة حكم مرسي، إلا أن هذا لا يمنع أن مشاهد مقتل الأطفال خلال المرحلة الحالية تبدو أكثر بشاعة، وذلك نظرا للتوظيف السياسي والمتاجرة بدماء هؤلاء الأطفال النقية، من جانب طرفي الصراع السياسي الحالي.
فعلى الرغم من أن كلا من مريم نبيل ومريم فكري ومحمد بدوي لم يكونوا أطرافا في هذا الصراع السياسي، فالأولتين ذهبتا لحضور حفل زفاف، والأخير ذهب ليشاهد مسيرة، إلا أن هذا لا يمنع طرفي الصراع السياسي ومؤيديهما في توظيف دماء هؤلاء الأطفال والمتاجرة بها في صراعهما.
فقد تناسى هذان الطرفان أنهما السبب في المأساة التي يعيشها أطفالنا اليوم، وبدلا من أن يبحثا عن حل للخروج من دائرة الدم التي بدأت تتسع بشكل كبير، ذهبا لتوظيفها لخدمة مصالحهما، فرأينا طرفا يتاجر بدماء شهيدتي الكنيسة لتوسيع دائرة الحرب على الإرهاب، وطرفا آخر يتاجر بدماء شهيد مسيرة العمرانية لتوسيع دائرة الحرب على من يصفونهم بكارهي الشريعة، على الرغم من أن الأوليين لم تكونتا كارهتي للشريعة، والأخير لم يكن إرهابيا.
Nour_rashwan@hotmail.com