رئيس التحرير
عصام كامل

«القيمة المضافة».. ضريبة تبحث عن مخرج.. سبح: تساعد الحكومة على تدبير الموارد وتحد من التهرب الضريبي.. المهدى: تزيد من جشع التجار.. ومحدودو الدخل سيدفعون ثمن التطبيق

عملات مصرية
عملات مصرية

أثير الجدل مؤخرا بين العديد من المحللين والخبراء الاقتصاديين حول تداعيات تطبيق "الضريبة على القيمة المضافة" على محدودى الدخل، وتساءل البعض هل سيؤثر هذا على معدل التضخم وزيادة الأسعار، أم لا؟.. البعض أكد على ضرورة تطبيقها لتساهم في تدعيم العدالة الضريبية، مشيرين إلى أنها تعتبر أكثر كفاءة من الناحية الاقتصادية مقارنة مع الضريبة الحالية للمبيعات، فيما عارض البعض تطبيقها، لافتا إلى أن هذا سيساهم في زيادة أسعار السلع مما يضر بالمواطن المصرى.


يذكر أن الضريبة على القيمة المضافة هي الفرق بين قيمة السلع المنتجة وقيمة المواد التي أدخلت في إنتاجها وهو ما يعرف بالاستهلاك الوسيط في عملية الإنتاج: القيمة المضافة - قيمة الإنتاج - الاستهلاك الوسيط، فهي من الضرائب المركبة (الضرائب على الانفاق العام للاستهلاك وهي تلك الرسوم المفروضة على رقم الاعمال) وهي ضريبة تفرض على جميع الأموال والخامات المستهلكة محلية الصنع كانت أم مستوردة.

ويتم استيفاء هذه الضريبة في كل مرحلة من مراحل الدورة الاقتصادية (الإنتاج، التوزيع، الاستهلاك) وكذلك تفرض عند الاستيراد على " القيمة الجمركية مضاف إليها الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى الموجبة في الأساس" وهكذا حتى وصولها إلى المستهلك النهائي والتي يقع عبئها عليه.

أكد أحمد حمدى سبح، المحلل الاقتصادى أن إحلال "الضريبة على القيمة المضافة" محل ضريبة المبيعات ستساعد الحكومة على تدبير الموارد اللازمة لتحسين البنية التحتية وجودة الخدمات خاصة أن هناك اعتمادا متزايدا على هذه الضريبة كمصدر هام لإيرادات الضرائب، حيث تم تطبيق هذه الضريبة حتى الآن في أكثر من 136 دولة حول العالم وخاصة في أوربا حيث يعد شرطا من شروط الانضمام للاتحاد الأوربي وتمثل إيراداتها أكثر من 20% من إجمالى الإيرادات الضريبية العالمية.

ونوه بأن هذه الضريبة هي التي تفرض على الفارق بين قيمة الإنتاج النهائية وقيمة الاستهلاك الوسيطة " تكلفة المواد الخام الداخلة في صناعة أو إنتاج منتج ما"، مشيرا إلى أنه يمكن من خلالها التحديد التقريبى للناتج المحلى لدولة ما، إذا ما استثنينا الاقتصاد غير الرسمى، عن طريق تجميع القيم المضافة لكافة المؤسسات والقطاعات الاقتصادية والإنتاجية ونصيب كل مؤسسة من هذا الناتج الإجمالى.

وأشار إلى أن الضريبة تعمل على المساهمة في الحد من حالات التهرب الضريبى وتزوير الفواتير لأنه طبقا لآلية عمل "الضريبة على القيمة المضافة" فإن ممول الضريبة سيتمتع بفرصة استرجاع كامل قيمة الضريبة التي سبق ودفعها للموردين.

كما تضمن الدولة معها الحصول على كافة الضرائب المستحقة من كافة عناصر وأعضاء العملية التجارية ابتداء من مورد الخامات حتى تاجر التجزئة الصغير الذي يستطيع التهرب بكل بساطة من دفع ضريبة المبيعات اعتمادا على عدم تقديمهم لفواتير معتمدة إلى جانب سهولة تزوير الدفاتر بسبب استغلال عدم تسجيلهم ضمن الاقتصاد الرسمى.

ونوه بأن الضريبة ستعمل على زيادة المحصل الضريبى بنحو 20 مليار جنيه لأنها ستضم كل الممولين مع تحقيق عدالة أكبر في توزيع العبء الضريبى حيث إنها يتم تحصيلها في كل مرحلة من المراحل التي تمر بها السلع من الإنتاج إلى الاستهلاك مما يساعد على ضبط المجتمع الضريبى وتقليل عمليات التهرب، من عوامل نجاح هذه الضريبة هو سرعة قيام الحكومة بسداد المستحقات الضريبية للمستثمرين والتجار في أسرع وقت، كما أنها ستمكن الحكومة من الحصول على صورة أوضح حول حجم الأرباح المحققة في كافة المشاريع مما يساهم في تسهيل تطبيق نظام تحديد الربحية في المستقبل خاصة أنه النظام الواحد القادر على رفع مستوى المعيشة الحقيقى للشعب.

أكد أن تطبيق هذه الضريبة من المفترض ألا تدفع إلى زيادة الأسعار ولكن التخوف من آليات التطبيق والمراقبة، ولافتا إلى أن أمر رد المستحقات الضريبية للممولين متروك للحكومة وإلا سيعود ذلك بالسلب على المستهلك وسيقوم التجار بتحصيلها من المستهلك باعتبار أنها أرباح لحين وصول المستحقات الضريبية مما يؤدى إلى زيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه.

واتفق معه محمود عبد الحى مدير معهد التخطيط سابقا، مطالبا من قيادات مصلحة الضرائب ووزارة المالية العمل على تبسيط قواعد فرض وتحصيل الضريبة والاستغناء عن كثير من الإجراءات المعقدة حتى نضمن تطورا كاملا في ملف الضرائب، يساهم في تطبيق "الضريبة على القيمة المضافة".

وقال عبد الحى: إن تطبيق الضريبة يساهم في حل العديد من المشاكل الخاصة بالتهرب الضريبى والتي ساهمت بشكل كبير في إحداث خلل داخل الأسواق خاصة أن هناك العديد من المحال التجارية غير مسجلة وغير ملتزمة بالفواتير، مما أدى إلى عدم التكافؤ في فرص التسويق نتيجة فارق الأسعار.

ودعا عبد الحى إلى ضرورة استثناء السلع التموينية والأساسية والخبز من تطبيق هذه الضريبة مما يساهم في الحفاظ على أسعار المنتجات الأساسية التي يعتمد عليها المواطن المصرى بشكل كبير، كما أكد ضرورة تكاتف جميع فئات المجتمع في تطبيق هذه الضريبة بشكل سليم يمنع رفع الأسعار، لافتا إلى دور الإعلام في شرح هذه الضريبة لعامة الشعب حتى يحميهم من جشع التجار والذي من الممكن أن يعصف بتطبيق هذه الضريبة.

فيما عارضت علياء المهدى عميد كلية سياسة واقتصاد سابقا فكرة تطبيق "الضريبة على القيمة المضافة"، لافتة إلى أن تطبيقها سيزيد من جشع التجار خاصة مع تهربهم من دفع الضرائب، مما يحرم خزينة الدول من دخل حقيقى يساهم في زيادة موارد الدولة، مؤكدة أن محدودى الدخل هم الذين يدفعون ثمن التطبيق.

وأشارت إلى أن السوق المصرية ليست مستعدة لتطبيق هذه الضريبة في الفترة الحالية، خاصة أن هناك العديد من المشكلات الاقتصادية التي تعانى منها السوق المصرية.
الجريدة الرسمية