رئيس التحرير
عصام كامل

«أبوالفتوح.. إبليس الجماعة».. بدأ حياته بالجامعة «ناصريا».. نكسة 67 حولته لـ«إخواني».. «السادات» يلقنه درسًا في «التأدب» 1977.. عضوا بـ«شورى الإخ

الدكتور عبد المنعم
الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية

«معاهم معاهم.. عليهم عليهم».. مبدأ يؤمن به ويرفعه دائمًا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، والمرشح الرئاسي الخاسر في سباق 2012، فتارة يرتدي القناع «الإسلامي» وتارة أخرى «المدني».

و«أبو الفتوح».. طالب مجتهد ومناضل بكلية الطب تميز بنشاطه واهتمامه بشئون زملائه في الجامعة، وعبر هذه البوابة شغل منصب أمين اتحاد طلاب كلية طب قصر العيني، والتي التحق بها عام 1970 وكانت رائدة في العمل الإسلامي آنذاك، ثم أصبح رئيسًا لاتحاد طلاب جامعة القاهرة، وانضم لجماعة الإخوان وشغل منصب عضو مكتب الإرشاد بها منذ «1987 وحتى 2009».

آمن رئيس «مصر القوية» بالتجربة الناصرية، وعندما شاهد انهيار الحلم الناصري أمام عينيه بعد هزيمة 1967 فكر في التغيير إلى الاقتناع بأن كل من كان ضد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان على صواب. وكانت هذه لحظة البداية في التعرف على الإخوان، وقد اشتهر وسط القوى السياسية بأنه من أكثر الإخوان انفتاحًا على الآخر، والأكثر جرأة وشراسة في معارضة الحكومة في نفس الوقت.

أول لقاء جمعه بالإخوان وجهًا لوجه في المعتقل السياسي لكلية طب قصر العيني كان عام 1981، وأول من رآهم من الجماعة «فتحي رفاعي وعمر التلمساني»، ونظرًا لسيطرة الطلاب اليساريين على اتحاد الطلاب، كانت تحدث اشتباكات فكرية وثقافية مع التيار اليساري الذين كانوا يعترضون طريقهم في دعوة الطلاب، مما جعلهم يقررون خوض انتخابات اتحاد الطلاب حتى تسهل مهمتهم في دعوة الطلاب.

وفى عام 1973 كان أول فوز للتيار الإسلامي في انتخابات اتحاد الطلبة بكلية طب قصر العيني، مما حولها إلى مركز لنشاط العمل الإسلامي على مستوى جامعة القاهرة وجامعات مصر، وساعد على ذلك الميزانية الضخمة لاتحاد طلاب الجامعة، فمن خلالها تم طبع وإصدار سلسلة من الكتيبات الدعوية، بالإضافة إلى إقامة المخيمات الطلابية في الصيف والشتاء، وكان أبو الفتوح -في ذلك الوقت- رئيسًا لاتحاد الطلاب.

الجماعة بدورها تابعت بإعجاب شديد نشاط «أبو الفتوح» الزائد في الدعوة، وتحديدًا بعد تحويل اتحاد طلاب قصر العيني مع عصام العريان وحلمي الجزار إلى ما أسماه أبو الفتوح «معقل الحركات الإسلامية في الجامعة». وفي هذه الآونة التي وصفها أبو الفتوح بـ«الحرب في ملعب مفتوح للجميع»، شهدت عداءً فكريا بين الحركة الإسلامية من جانب وباقي التيارات من جانب آخر.

وعندما دعا الرئيس السادات مجلس اتحاد طلاب مصر ليتحاور معهم -في إطار حواره مع جميع فئات الشعب عقب الانتفاضة الشعبية في يناير 1977– حضر «عبد المنعم أبو الفتوح بصفته رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة ورئيسا للجنة الإعلام والنشر في اتحاد طلاب مصر آنذاك، وعندما طلب الرئيس السادات منهم التحدث، وجاء الدور عليه، أشار إلى الشعار الذي كان يرفعه الرئيس السادات في ذلك الوقت وهو «العلم والإيمان» وكيف يستقيم هذا الشعار مع منع الدولة للشيخ محمد الغزالي من الخطابة في مسجد عمرو بن العاص؟.

الرئيس «السادات» رد بأنه أعلن الدولة دولة للعلم والإيمان، فرد عليه «أبو الفتوح» نحن نصدقك، ولكن حولك مجموعة من المنافقين يخرجون تصريحاتك من آثارها العملية، وهو ما أثار غضب السادات الذي صرخ في وجهه: «قف مكانك وتأدب وأنت تتكلم مع رئيس الدولة».

وبعد عدة سنوات، ألقي القبض على أبو الفتوح ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، وساهم بعد خروجه عام 1982 مع عدد من شباب الإخوان في إعادة البناء الداخلي للجماعة، وهي المجموعة التي أطلق عليها «مكتب مصر» تمييزًا لها عن التنظيمات الأخرى للإخوان خارج البلاد.

مرت السنوات، وبعد قيام الشعب المصري بثورة 25 من يناير، خططت الجماعة للاستحواذ على السلطة حتى قبل تنحي الرئيس الأسبق بليلة، ففي 10 فبراير 2011، عقد اجتماع لمجلس شورى الجماعة -ومن بينهم أبو الفتوح- لمناقشة ما إذا كانت الجماعة ستدفع بمرشحٍ رئاسي أم لا بعد سقوط النظام، وكان قرارهم أن الجماعة لن ترشح أحدًا للانتخابات المقبلة، وصوت «أبو الفتوح» تأييدًا لهذا القرار.

لكن الحلم الرئاسي دفع «أبو الفتوح» لإعلان العصيان على مبدأ «السمع والطاعة» الإخواني، وفي 10 مايو من نفس العام، أعلن عن ترشحه للرئاسة، وقوبل القرار بالترحيب من بعض القوى السياسية، إلا أنه لاقى معارضة عنيفة من مكتب إرشاد جماعة الإخوان، الذي فصله من المكتب نتيجة ترشحه للرئاسة، وبعد ذلك وأثناء خروجه من المكتب، قال إنه يراهن على أنه سيحصل على أصوات مكتب الإرشاد، بل على صوت الدكتور محمد بديع نفسه، ورد «المرشد»: «لن أعطيك صوتي يا عبد المنعم».

وما تأكد من تاريخ «عبد المنعم أبو الفتوح» أنه «ناصري مع الناصريين»، و«ليبرالي مع الليبراليين»، و«سلفي مع السلفيين».. والآن يجلس متحسرًا عندما يستعيد ذاكرة خسارته بالانتخابات الرئاسية وضياع أحلام جماعته الأم «الإخوان».
الجريدة الرسمية