اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق..الشرق الأوسط يحتل المرتبة الثانية.. 3ر1 مليون حالة وفاة و50 مليون مصاب بجروح.. و518 مليار دولار فاتورة خسائر حكومات العالم
يحتفل العالم غدا "الأحد" باليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق، والذي اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 القرار 60/ 5، باعتبار يوم الأحد من الأسبوع الثالث من شهر نوفمبر من كل عام يوما عالميا لإحياء ذكري ضحايا حوادث الطرق، والذي يهدف إلى أهمية أن تولي الدول الأعضاء اهتماما خاصا بالوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق.
ولا تزال الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق تشكل مشكلة كبيرة تواجه الصحة العامة، وسببا رئيسيا من أسباب الوفيات والإصابات وحالات العجز في جميع أنحاء العالم.
ففي كل عام يموت ما يقرب من 3ر1 مليون شخص، ويصاب ما بين 20 و50 مليونا آخرين بجروح نتيجة حوادث الاصطدام على الطرق، ويحدث أكثر من 90 % من هذه الوفيات في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل التي يقل عدد السيارات فيها عن نصف عدد المركبات في العالم.
وتأتي الإصابات الناجمة عن حركة المرور على الطرق ضمن أهم ثلاثة أسباب لوفاة الأشخاص الذين يتراوح عمرهم ما بين عمر 5 سنوات و44 سنة، وتهدد الإصابات الناجمة عن حركة المرور على الطرق بعرقلة الإنجازات التي تحققت في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية، إذ تقدر الخسائر العالمية من جراء الإصابات الناجمة عن حركة المرور على الطرق بما مجموعه 518 مليار دولار، وتكلف الحكومات ما بين 1 % و3 % من ناتجها القومي الإجمالي، وتشكل هذه الخسارة في بعض البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، أكثر من إجمالي المساعدة الإنمائية التي تتلقاها.
وتلقي الإصابات الناجمة عن حوادث المرور عبئا ثقيلا على اقتصاد البلد بسبب ما تحدثه من آثار مباشرة في خدمات الرعاية الصحية والتأهيل، وكذلك من خلال التكاليف غير المباشرة، ويمكن أيضا أن تضع قدرا كبيرا من الضغوط المالية على الأسر المتضررة - التي لا بد لها، في كثير من الأحيان، من أن تستوعب التكاليف الطبية وتكاليف التأهيل، وتكاليف الجنازة، وغيرها من التكاليف، من قبيل فقدان دخل الضحية - بالإضافة إلى التوتر النفسي الشديد.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى أن حوادث الطرق تودي بحياة ما يقرب من 24ر1 مليون شخص وإصابة ما لا يقل عن 50 مليون شخص آخرين كل عام، تاركة بعض المصابين يعانون من عجز دائم، مؤكدا أن هناك آباء وأمهات وأطفالا وأشقاء وزملاء وأصدقاء يعصرهم الألم وآلامهم هذه ليست أحاسيس وعواطف فحسب، فحوادث المرور كثيرا ما تحدث خسائر مالية قاسية، يجد العديد من الأسر نفسها فقيرة بين عشية وضحاها جراء فقدان عائلها الوحيد أو جراء التكاليف الباهظة الناجمة عن فقدان مصدر الدخل والرعاية الطبية الطويلة الأجل.
وأضاف مون: "إنني أحيي الحكومات على توصلها إلى اتفاق بشأن إعلان عقد للعمل من أجل السلامة على الطرق، للفترة 2011 - 2020، وهو اتفاق الهدف منه إنقاذ حياة خمسة ملايين إنسان، وأرحب بالعمل الذي تقوم به المدن في جميع أنحاء العالم من أجل تحسين سلامة المشاة وراكبي الدراجات وغيرهم من مستخدمي الطرق وأرصفة المشاة وممرات عبور المشاة والممرات العلوية، يجرى تركيب أعمدة الإضاءة على جوانب الطرق، وسن قوانين بشأن القيادة في حالة السكر، والسرعة، وربط أحزمة الأمان، ولحظر كتابة الرسائل على الهواتف المحمولة، وغير ذلك من أساليب استخدام هذه الهواتف أثناء القيادة، وإنفاذ تلك القوانين، وإنشاء ممرات تخصص للمشاة في مراكز المدن، وتعزز الرعاية الصحية لمعالجة الصدمات النفسية في حالات الطوارئ، لضمان سرعة معالجة المصابين بإصابات تهدد حياتهم.
وأكد مون أن المجتمع الدولي يعمل من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015، ودعا إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات المتضافرة في مجال السلامة على الطرق باعتبارها جزءا من جدول أعمال التنمية في المستقبل، وأن ذلك يشكل عنصرا أساسيا من عناصر الجهود الرامية إلى تحسين الصحة وإنقاذ الأرواح في السنوات المقبلة.
ويشير "التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2013 "، والصادر عن منظمة الصحة العالمية، والذي يقدم أحدث المعلومات حول أوضاع السلامة على الطرق في جميع بلدان العالم، إلى الأسس لأعمال الرصد المتواصلة من أجل السلامة على الطرق 2011 – 2020، يقدم معلومات حول 182 بلدًا، منها 19 بلدًا من بلدان إقليم شرق المتوسط، ويعيش في البلدان التي يعرض التقرير أوضاعها 99% من سكان العالم أو ما يقرب من 8ر6 مليارات نسمة.
والمعلومات التي يقدمها التقرير بالغة الأهمية، ومنها أن 28 بلدًا فقط يعيش فيها 7% من سكان العالم لديها قوانين شاملة لأحكام السلامة على الطرق، وتتصدى لعوامل الخطر الرئيسية الخمسة، وهى شرب المسكرات مع القيادة، والسرعة، وعدم استخدام الأحزمة المقيدة لحركة الأطفال، إلى جانب معلومات أخرى إلى ضرورة تسريع وتيرة تغيير القوانين من أجل تحقيق هدف عقد العمل من أجل السلامة على الطرق، والذي تبنته الأمم المتحدة للفترة 2011 – 2020، ويتمثل بإنقاذ حياة 5 ملايين شخص.
وفي عام 2010 بلغ عدد الوفيات الناجمة عن حوادث تصادم المرور على الطرق في جميع أنحاء العالم 24ر1 مليون وفاة، وهو العدد نفسه تقريبًا الذي سجِل في عام 2007.
ويبين التقرير أنه برغم تمكن 88 دولة عضوا من خفض عدد ضحايا حوادث المرور على الطرق، فإن هذا العدد ارتفع في 87 بلدًا، موضحا أنه من الأمور الأساسية لخفض عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق ضمان أن يضع أكبر عدد ممكن من الدول الأعضاء قوانين موضع التنفيذ تتناول عوامل الخطر الرئيسية الخمسة المذكورة.
ويسلط التقرير الضوء على أنه يوجد 59 بلدًا تأوي نسبة 39% من سكان العالم تطبق حدود السرعة القصوى في المناطق الحضرية المعينة بمعدل 50 كم/ ساعة أو أقل، وتمكن السلطات المحلية من مواصلة تخفيض تلك الحدود، وهناك 89 بلدًا تقطنها نسبة 66% من سكان العالم لديها قانون شامل بشأن القيادة تحت تأثير الكحول يعين حد تركيز الكحول في الدم بمقدار 0.05 أو أقل.
وهناك 90 بلدًا تأوي ما نسبته 77% من سكان العالم لديها قوانين بشأن الخوذات تشمل جميع راكبي الدراجات المارة على كل أنواع الطرق والعاملة بشتى أنواع المحركات، ولديها معيار بشأن ارتداء الخوذات عند ركوب الدراجات النارية.
ويوجد 111 بلدًا تقطنها نسبة 69% من سكان العالم لديها قوانين شاملة بشأن ربط حزام الأمان تسري على جميع مستقلي المركبة، وهناك 96 بلدًا تأوي ما نسبته 32% من سكان العالم لديها قانون يلزم باستخدام نظم تقييد حركة الأطفال.
كما يبرز التقرير أيضًا أن معظم البلدان يشير إلى أن إنفاذ تلك القوانين يشوبه القصور – وبعض هذه البلدان يتمتع كذلك بأفضل مستوى من الأداء فيما يتعلق بالسلامة على الطرق فيها.
وتقول الدكتورة مارجريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية: إن الإرادة السياسية ضرورية على أعلى المستويات الحكومية لضمان سن ما يلزم من تشريعات بشأن السلامة على الطرق وصرامة إنفاذ القوانين التي يلزمنا جميعًا أن نتقيّد بها، وإن تعذر ضمان ذلك فإن أحزان الأسر والمجتمعات ستستمر، وستظل النظم الصحية ترزح تحت وطأة عبء الإصابات وحالات العجز الناجمة عن حوادث تصادم المرور على الطرق.
أما الدكتور مايكل بلومبرج المتبرع لأعمال الخير وعمدة مدينة نيويورك الذي قامت مؤسسته بتمويل التقرير فيقول: إن التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق لعام 2013 هو بمثابة تحذير شديد إلى الحكومات، بشأن ضرورة إنجاز مزيد من الأعمال لحماية جميع من يستخدمون الطرق، فالوقاية من الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق ممكنة، وهذا التقرير هو الخطوة المهمة التالية على طريق السعي إلى الحفاظ أيضا على سلامة المشاة وراكبي الدراجات وسائقي السيارات على الطرق في العالم، فهو يثبت أن هناك تقدمًا يُحرز في هذا الميدان، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه.
ويشير التقرير إلى عدة فئات معرضة تحديدًا لخطر الموت من جراء حوادث تصادم المرور على الطرق، توجد نسبة 59% من الذين يلاقون حتفهم في حوادث تصادم المرور على الطرق ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و44 عاما، منهم نسبة 77% من الذكور، ويستأثر المشاة وراكبو الدراجات بنسبة 27% من مجموع الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق، وتزيد هذه النسبة في بعض البلدان على 75%، ما يدل على إهمال دام لعقود من الزمن لاحتياجات مستخدمي الطرق هؤلاء في سياسات النقل الحالية التي تفضل وسائط النقل المزوّدة بمحرك، وترتفع إلى أقصاها خطورة الموت من جراء التعرض لإصابة ناجمة عن حوادث المرور على الطرق في الإقليم الأفريقي التابع لمنظمة الصحة العالمية بواقع 1ر24 فرد لكل 100 ألف نسمة من السكان، فيما تنخفض هذه الخطورة إلى أدناها في الإقليم الأوربي التابع للمنظمة بواقع 3ر10 أفراد لكل 100 ألف نسمة من السكان.
أما ما يتعلق بإقليم شرق المتوسط، فتشير البيانات إلى أن هذا الإقليم يموت فيه أكثر من 10% من الوفيات بسبب الحوادث على الطرق، وأنه يحتل الموقع الثاني بين أقاليم المنظمة الستة من حيث ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الحوادث على الطرق، إذ يأتي موقعه مباشرة بعد الإقليم الأفريقي، ثم إن البلدان المتوسطة الدخل في الإقليم تتحمل ما يزيد على 85% من مجمل الوفيات على الطرق، أما البلدان المرتفعة الدخل في الإقليم فتصل فيها معدلات الوفيات على الطرق إلى ضعف ما لدى البلدان المرتفعة الدخل في الأقاليم الأخرى، مما يوضح مدى خطورة مشكلة الإصابات بسبب الحوادث على الطرق في جميع بلدان الإقليم، بغض النظر عن مستوى الدخل فيها.
وهذا التقرير هو الثاني في سلسلة التقارير التي تحلل مدى تطبيق البلدان لعدد من التدابير الفعالة بشأن السلامة على الطرق، علاوة على عوامل الخطر الخمسة المبيّنة، فإن التقرير يبرز مسائل مهمة من قبيل معايير أمان المركبات، وعمليات فحص البنية التحتية للطرق، والسياسات المتعلقة بالمشي وركوب الدراجات، والجوانب المتعلقة بنظم الرعاية السابقة للإحالة إلى المستشفى، كما يبيّن التقرير ما إذا كانت البلدان تنتهج استراتيجية وطنية تحدد غايات قابلة للقياس لخفض عدد من يلاقون حتفهم ويتعرضون لإصابات بليغة على الطرق.
ويقول الدكتور إتيان كروج مدير إدارة الوقاية من العنف والإصابات والعجز في منظمة الصحة العالمية: إن عقد العمل من أجل السلامة على الطرق 2011- 2020 هو فرصة رائعة يتعين ألا نضيعها، وبفضل التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق لعام 2013 فإن لدينا المعلومات التي نحتاجها لتتبع التقدم المحرز، ويلزمنا الآن أن نوحد جهودنا من أجل ضمان تحقيق هدف عقد العمل المتمثل في إنقاذ أرواح خمسة ملايين شخص ولأن عقد العمل من العقود التي صدر بها تكليف من الجمعية العامة للأمم المتحدة فإنه فرصة تاريخية متاحة أمام البلدان لوقف ودحر الاتجاه الذي يتوقع أن يسفر – في حال لم تتخذ إجراءات بشأنه – عن فقدان نحو 9ر1 مليون شخص على الطرق سنويًا بحلول عام 2020.
ويسعى عقد العمل الذي أطلقته الحكومات يوم 11 مايو 2011 في جميع أنحاء العالم إلى بناء قدرات البلدان على إدارة شئون السلامة على الطرق، وتحسين الأمان على الطرق وداخل المركبات، ورفع مستوى سلوكيات جميع مستخدمي الطريق، وتعزيز خدمات الرعاية المقدمة عقب وقوع حوادث التصادم.
وتؤيد المنظمة في سياق عقد العمل الجهود المبذولة في هذه المجالات، وخاصة من خلال "مشروع السلامة على الطرق في 10 بلدان"، الذي يسدي بالتعاون مع الشركاء المشورة التقنية بشأن التشريعات وإنفاذها وحملات وسائط الإعلام الجماهيرية وجمع البيانات ورعاية المصابين.