الفقر والصراع على رئاسة مدغشقر يدفع " سادك " لتحركات استباقية
بعد إجراء الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية فى مدغشقر واقتراب الاعلان عن نتائجها بعد عشرة ايام من الان ، تلوح فى الافق تهديدات اقتصادية وسياسية دفعت قادة تجمع دول جنوب افريقيا " سادك" وحكومات الاقليم الى اتخاذ تدابير احترازية تحسبا لتداعيات نتائج الانتخابات الرئاسية فى جمهورية مدغشقر التى جرت جولتها الاولى فى الخامس والعشرين من أكتوبر الماضى على مراحل ، وتجرى جولتها الثانية فى الخامس والعشرين من ديسمبر القادم ، ويرى المراقبون أن تلك الاجراءات الاحترازية يفترض لها أن تكون صمام أمان لعدم ارتداد الاوضاع الامنية و السياسية فى هذا البلد الى حالة التوتر الذى اعقب انقلاب 2009 الذى شهده هذا البلد الافريقى الهام .
ويرى المراقبون أن قضية مدغشقر هى اقتصادية وسياسية فى المقام الاول ، وبعضهم يرى أن حل المشكل الاقتصادى فى هذا البلد هو مفتاح الحل لمشاكلها السياسية والاجتماعية الاخرى ، حيث تشير تقارير الامم المتحدة الى أن 9 من كل عشرة من مواطني مدغشقر يعيشون على دخل يومى يقل عن دولارين الامر الذى يضرب قدرة الشراء فى مقتل لسكانها ويقوض فرص الاستثمار فى هذا البلد .
لكن قادة تجمع سادك يرون أن تحقيق الاستقرار السياسى و الدستورى فى مدغشقر هو أساس لازم لتحقيق تقدمها الاقتصادى ويرون كذلك انه على المجتمع الدولى أن يدعم جهود سادك لتحقيق الاستقرار الدستورى والسياسى فى البلاد وفى مقدمتها دعم مهام مراقبة الامن و السلام التى تباشرها دائرة الدفاع و الامن فى تجمع دول سادك ، وفى هذا الصدد يرى قادة سادك أنه حتى الاتحاد الاوروبى - الذى يفرض عقوباته على مدغشقر منذ انقلاب 2009 وحظر سفر لاراضيه لقياداتها ومسئوليها - يتعين عليه العمل على مساعدة هذا البلد الافريقى لاجتياز مرحلة التحول الانتقالية صوب الاستقرار السياسى و الديمقراطى .
ولا تزال نتائج الانتخابات معلق إعلانها فى مدغشقر انتظارا لما ستسفر عنه نهاية مراحل عمليات عد الاصوات التى حصل عليها 33 متنافسا على منصب رئيس تلك الدولة الارخبيلية التى تتألف من عدة جزر وتعد مقصدا سياحيا هاما ومحطة للخدمات الملاحية يهتم بها المجتمع الدولى .
وجرت الانتخابات فى مدغشقر فى 20 الف مركز للتصويت أعلنت اللجنة العليا للانتخابات هناك الانتهاء من رصد نتائج 18 الفا منها تمثل 80 فى المائة من مجموع الاصوات الناخبة ، ومن المقرر أن تنتهى اللجنة بالكامل من الفرز الكلى للاصوات فى الخامس والعشرين من الشهر الجارى ، لكن تقديرات دائرة شئون السياسة و دعم الديمقراطية فى تجمع سادك تقول إن جولة إعادة ثانية للانتخابات الرئاسية ستجرى يوم العشرين من ديسمبر القادم وذلك توازيا من انتخابات برلمانية التى تقرر أن تجرى فى هذا التاريخ إنجاحا لخارطة طريق اقرها تجمع سادك فى مدغشقر منتصف العام الجارى .
وكانت عمليات التصويت فى الانتخابات الرئاسية فى مدغشقر والتى أجريت على مراحل انتهت فى الثامن من نوفمبر الجارى قد أعقبتها عمليات الفرز باشراف مراقبين من تجمع سادك واخرين من الاتحاد الافريقى والاتحاد الاوروبى وتجمع دول الفرانكفونية وجميعهم شهد فى بيان مشترك بدرجة النزاهة والشفافية العالية التى جرت بها عمليات التصويت ، كما سبق لهم إعلان رضائهم العام عن اجراءات التحضير لتلك الانتخابات فى بيان اصدروه فى السابع و العشرين من اكتوبر الماضى.
لكن ضراوة المنافسة السياسية بين من يرون انفسهم " قوى جديدة " و آخرين محسوبين على نظام الحكم الذى تم الانقلاب عليه فى مدغشقر خلقت بواعث قلق عام على مستقبل هذا البلد واوضاعه التى يصنفها المحللون على انها الان اقرب الى حالة " عدم الامان السياسى المزمن " اكثر من كونها " حالة احتراب داخلى " ، وانه من ثم يجب أن تتبنى دول سادك بالتعاون مع المجتمع الدولى منهجا استباقيا لمواجهة آثار الانتخابات الديمقراطية الاخيرة فى مدغشقر وردود أفعال المعترضين على نتائجها ومنع وصول تلك التداعيات الى دول جوار مدغشقر فى جنوب القارة الافريقية اذا ما تطورت الى فوضى وعنف.
ويرى البعض أن من بين تلك الاجراءات الاحترازية التى يبحث قادة تجمع سادك القيام بها حصولهم على تعهدات من المتنافسين الانتخابيين المتصارعين على منصب الرئاسة فى مدغشقر بقبول ما يصدر عن القضاء من أحكام نهائية وباته فى نتائج الانتخابات ، ويأتى اندريه راجولينا الرئيس السابق لمدغشقر و ديدير راتسيراكا و مارك رافولومانا - الذى زوجته لولو رافولومانا باتت احد مصارعيه على منصب الرئاسة فى تلك الدولة - فى مقدمة المتنافسين على منصب الرئاسة ممن يخشى من أنصارهم اللجوء الى العنف اذا خسروا فيها وهو خطر لا مفر من حدوثه اذ سيكون كلهم باستثناء واحد منهم من الخاسرين من الجولة الاولى.
ومن المتوقع أن ينافس فى جولة الاعادة المقررة فى الخامس والعشرين من ديسمبر القادم قطبين سياسيين جديدين تألقا فى مسارات النضال الديمقراطى ومكافحة الفساد فى مدغشر الاول هو روبينسون جين لويس الذى يعتبره انصار رئيس البلاد السابق مارك رافومولانا رديفا لهم فى حالة فشل زعيمهم رافومولانا رئيس البلاد السابق ، و فى مواجهته هيرى راجورومبيانا الذى يؤيده اندريه راجولينا رئيس مدغشقر السابق كرديف له فى الحكم اذا لم يكتب له النجاح فى منافسات جولة الانتخاب الاولى .
وتطالب سادك من المجتمع الدولى دعم جهود لجنة الترويكا المنبثقة عنها و التى يقودها رئيس نامبيبيا هيفيكيبونى بوهامبا لتسريع الحوار بين الاطراف الموقعة على خارطة الطريق المدغشقرية التى بموجبها يتم اجراء الانتخابات الرئاسية و التشريعية ، كذلك دعم جهود وسيط السلام فى مدغشقر ورئيسها السابق جواكيم تشيسيانو لاحراز ضمانات النجاح اللازمة لقبول كافة الاطراف الدولية مثل الاتحادين الاوروبى والافريقى ومجموعة الاتصال الدولية حول مدغشقر لنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية طالما كانت معبرة عن اختيارات الشعب المدغشقرى حتى ان لم يكن الفائز فيها هو الخيار المفضل لتطلعات القوى الدولية.