رئيس التحرير
عصام كامل

الببلاوي يساعد مرسي!


هل تذكرون الأسابيع والشهور التى سبقت الطوفان البشرى يوم ٣٠ يونيو الذى أطاح بحكم مرسي؟.. لقد كان الناس يشكون مر الشكوى ليس فقط من استبداد وفاشية الإخوان، وإنما أيضا - وهذا هو الأخطر - من فشلهم فى إدارة شئون البلاد، فأوقعوا أهلها أسرى أزمات حادة، مثل أزمات البنزين والسولار وانقطاع الكهرباء مع ارتفاع لا يتوقف فى الأسعار.


يعتقد الإخوان أن استغلال المعارضة لهذه المشاكل سياسيا وإعلاميا كان أحد الأسباب التى دفعت كثيرين من المواطنين للخروج يوم ٣٠ يونيو مطالبين بإنهاء حكم مرسي.. ولذلك يراهنون كثيرًا الآن على تعثر السلطة الجديدة القائمة الآن فى حل المشاكل الجماهيرية، خاصة المشاكل الاقتصادية، الكل يستثمرونها بدورهم فى تأجيج الغضب الجماهيرى، وتوجيه هذا الغضب ضد الحكومة لإحباط تنفيذ خارطة المستقبل، ثم لتوفير فرصة مواتية لعودتهم مجددًا للحكم الذى فقدوه بعد عام واحد أمسكوا فيه بزمامه.. والأكثر من ذلك أن الإخوان سعوا لصناعة مشاكل غير موجودة بالفعل، حينما سعوا لبث وترويج شائعات حول ودائع المواطنين فى البنوك وادعاء استيلاء الحكومة عليها!

وهكذا.. فإن حكومة د.الببلاوى لا تصارع مشاكل ورثتها من حكومة مرسى التى أضافت للدين المحلى أكثر من ٣٠٠ مليار جنيه فى غضون عام واحد، ولكنها تصارع أيضا الإخوان الذين يتربصون بها ويحاولون استثمار العقبات التى تواجهها، وأيضا عدم التوفيق الذى قد تتعرض له.. وهنا يصبح ضروريا على حكومة الببلاوى أن تكون أكثر يقظة للتحديات التى تواجهها، وأكثر اهتماما بالتصدى للمشاكل الجماهيرية.. لذلك كان من المفترض ألا تخلق هذه الحكومة لنفسها مزيدًا من المشاكل أو تتأخر فى التحرك لمواجهة المشاكل الجماهيرية.. بل تسارع بحل أى مشاكل تلوح فى الأفق لا أن تسكت عليها حتى يضج الناس من الشكوى ثم تبدأ بالتحرك لعلاج هذه المشاكل وإيجاد حلول لها على النحو الذى حدث فى آخر وأهم المشاكل الجماهيرية وهى مشكلة البوتاجاز..

إن أى أزمة فى سلعة دائما وراءها نقص المعروض فى هذه السلعة عن الطلب عليها، وفى ظل هذا النقص ما كانت هناك سوق سوداء وما كان هناك تلاعب أو تهريب.. ولذلك يتعين علاج هذا النقص أولًا، وقبل ذلك الاعتراف به حتى يتم علاجه.. أما عدم الاعتراف بالأسباب الرئيسية للمشاكل الجماهيرية فإنه يؤخر علاجها وبالتالى يمنح الإخوان المتربصين الآن بالحكومة والجيش والشعب الفرصة لاستثمار هذه المشاكل لإعاقة مسيرتنا نحو بناء دولتنا العصرية الديمقراطية.

وأحرى بالحكومة أن تشغل نفسها بحل المشاكل الجماهيرية الأساسية أو على الأقل تخفيف وطأتها على الناس بدلا من أن تشغل نفسها بمصالحات مع الذين يرفضون هذه المصالحات.. وأولى بالحكومة أن تنشغل بوضع البلاد على طريق الديمقراطية، وإلا لما حصلنا على ديمقراطية ولا على حلول لمشاكلنا الجماهيرية الأساسية.. فالتراخى فى حل المشاكل الجماهيرية يساعد الإخوان على تخريب بلدنا سياسيا واقتصاديا.
الجريدة الرسمية