رئيس التحرير
عصام كامل

الأحزاب اليمينية المتطرفة بأوربا تتجه للتنسيق بينها في الانتخابات

 الفرنسية مارين لوبين
الفرنسية مارين لوبين

رغم أن برنامج حزبيهما معادٍ للاتحاد الأوربي، إلا أن السياسيين من اليمين المتطرف، الفرنسية مارين لوبين والهولندي خيرت فيلدرز يعتزمان خوض معترك الانتخابات الأوربية العام المقبل لضمان مقاعد داخل البرلمان الأوربي.

قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين السياسية الفرنسية مارين لوبين ونظيرها الهولندي خيرت فيلدرز: فكلاهما أشقر الشعر، كما أنهما ناجحان سياسيا على رأس حزبين يمنيين متطرفين: لوبين ترأس الجبهة الوطنية اليمينية في فرنسا، فيما يتزعم فيلدرز حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا. وكلاهما ضد أوربا. ومن ثمة قرّرا خوض الانتخابات البرلمانية الأوربية في مايو2014 سويا.

يتحرك كلاهما وفقا لدوافع مشتركة، أبرزها معارضة الاندماج الأوربي، ومعاداة الأجانب؛ وزرع الخوف مما يصفانه ب"بروكسيل القوية"، بدعوى أنهما يصغيان إلى صوت الشعب، كما تقول سيلفي جولار، النائبة الليبرالية في البرلمان الأوربي. "للأسف هذه أرضية مشتركة. ولكن إذا أعطت كل دولة أوربية الأولوية لمصالحها الوطنية، فإن ذلك من شأنه أن يهدم أوربا"، على حد تعبير جولار.

وبخصوص تنسيق محتمل بين الأحزاب اليمينية المتطرفة على المستوى الأوربي، يقول كاي أرتسهايمر من معهد العلوم السياسية بجامعة ماينز الألمانية، إن ذلك "مستبعد، لأن التاريخ أثبت أن الكتل المتطرفة في البرلمان الأوربي، سريعا ما انهارت بعد سنتين أو ثلاث سنوات. ذلك أن المنافسة كانت شديدة والخبرة على وجه الخصوص كانت شبه معدومة".

ويعزو أرتسهايمر عدم نجاح المشاريع السابقة إلى فشل الأحزاب اليمينية في إقناع الناخبين بأهمية التنسيق أوروبيًا بين الأحزاب القومية.

واجهة ديمقراطية وباطن متطرف

وقد أظهر أحد استطلاعات الرأي التي أُجريت في فرنسا أن الأغلبية ترشح حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف للفوز بالانتخابات البرلمانية الأوربية في مايو من العام المقبل. وكذلك حزب الحرية بزعامة خيرت فيلدرز يرى نفسه في المراتب الأولى.

وعكس الجيل الذي سبقهما تمثل كل من الفرنسية مارين لوبين والهولندي خيرت فيلدرز صورة جديدة لليمين المتطرف الذي يتجاوز حدوده الوطنية الضيقة. "فنبرة خطاب مارين لوبين أقل حدة من والدها"، تقول البرلمانية الأوربية سيلفي غولار، في إشارة إلى الخطاب الشعبوي المستفز الذي كان يرفعه جان ماري لوبين: أما من ناحية المضمون، "فلا يزال الحزب ينفث سمومه، ويضم أناسا بتفكير عنصري. وقسم من برنامج الحزب يعطي الأولوية للفرنسيين دون غيرهم. وهو ما يتعارض مع القانون الأوربي وميثاق جنيف لحقوق الإنسان".

ويوضح الخبير أرتسهايمر أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في الوقت الراهن تدافع في العلن عن الحرية والديمقراطية وعن حقوق المرأة والمثليين. ولكنها تخفي في الوقت نفسه توجهاتها العدائية التقليدية، بما فيها معاداة السامية والأفكار القومية المتطرفة، تحت غطاء رفضها للاندماج الأوربي.

وهكذا وجدت الأحزاب المتطرفة منفذا إلى المسرح الانتخابي، بشكل يمكن عبره تقبلها، على حد تعبير الخبير الألماني.

ويضيف أرتسهايمر قائلا: "لا تكشف الأحزاب السياسية عن وجهها العنصري بصراحة، وإنما هي تقدم برنامجها على أساس أن الأمر يتعلق بصراع حول القيم الثقافية حتى يتقبلها المجتمع العصري اليوم (...) وبالتالي، فهي لا توجه سهامها ضد مواطني أوربا الغربية وإنما تسعى إلى تكوين اتحاد للدفاع عن القيم الليبرالية ضد أناس من ثقافات أخرى".

البحث عن كبش فداء؟

من جهتها، زادت الأزمة المالية، التي هزت البيت الأوربي، من قوة المجموعات والحركات المتطرفة التي تنتقد بشدة السياسات المقررة في بروكسيل، مقر المفوضية الأوربية، كما توضح سيلفي غولار باعتبار أن ذلك نتيجة حتمية، "لعملية البحث عن كبش فداء، خاصة وأن الاتحاد لم ينتهج دائما سياسات ناجحة".

والوضع في فرنسا لم يكن مغايرا، فقد فشلت سياسة قصر الإليزيه في احتواء الأزمة، ولم تطبق الإصلاحات الضرورية. في ظل هذا الوضع "أخفق الرئيس فرانسوا أولاند، وظهرت مارين لوبين كبديل محتمل، خاصة وأنها لم تستلم السلطة قبل ذلك"، كما تقول النائبة الأوربية الفرنسية.

أيضا في الدول الأوربية الأخرى، فقد شهدت أيضا تطورا مماثلا: فهناك الحزب اليميني المتطرف في ألمانيا، والحزب القومي في بريطانيا، وحزب"جوبيك" اليميني المتطرف في المجر وحزب "أتاكا" المتطرف في بلغاريا. جميعها أحزاب تعد المواطنين بتقديم حلول بسيطة لمشاكل كبيرة ومعقدة، وذلك ليس في إطار حدودها الوطنية فقط، وإنما في كل أنحاء الاتحاد الأوربي.






هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية