رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة ثالثة.. صناعة تركية


الخلفية التى طرحت في بداية الاجتماع، عبارة عن تمهيد حول الإنجازات التى تحققت في الملف السوري، وإمكانية استنساخ النموذج ذاته على أرض الواقع المصرى، ومدى إمكانية الاستفادة من خبرات ممثلى أجهزة الاستخبارات فى أمريكا وإسرائيل وقطر وتركيا.


ويعد حاكان، مدير الاستخبارات التركية واحدا من أهم الشخصيات التركية خلال الفترة الماضية، لما حققه في عدة ملفات دولية وإقليمية، ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية علي النفاذ إلى قلب سوريا وعدة عواصم إقليمية، كانت هدفا للمخابرات الإسرائيلية والأمريكية فى ذات الوقت، كما يحتل حاكان موقعا متميزا في الحياة السياسية التركية، بعد نجاحه فى تقليص دور الجيش بالمنظمة الاستخباراتية الوطنية التركية من ٣٥٪ إلى أقل من ٥٪ هي حجم العسكر في المنظمة الآن، بالإضافة إلى انتمائه الأيديولوجى للمشروع الذى يتبناه رجب طيب أردوغان وحزبه، ويفوق نفوذ حاكان كل وزراء حكومة أردوغان، بل ويسبق فى الترتيب الرئيس التركى بدرجة كبيرة.

فى الاجتماع الذى عقد مؤخرا بالعاصمة التركية، استعرض ممثل المخابرات الإسرائيلية الوضع على الطبيعة في سيناء، وما يمكن أن يمثله من إنهاك للقوات المسلحة المصرية، إذا ما تطور الأداء خلال الفترة التى أشار إليها حاكان لتنفيذ مخطط الثورة الثالثة، التى تبدأ فعالياتها مع احتفالية القوى الثورية بأحداث محمد محمود، ورفع حدة الأوضاع الأمنية على أرض سيناء من خلال دعم العناصر الجهادية، التي تعرضت لضربات موجعة من الجيش المصري خلال الفترة الماضية.

كان حاكان مهتما بما قدمه الجانب الأمريكي خلال الاجتماع حول ضرورة زيادة حدة التوتر المجتمعى في مصر، من خلال التركيز على الفشل الحكومى المتواصل لحكومة حازم الببلاوي، لما يمكن أن يمثله ذلك من تزايد حدة الصراع السياسي أمام أزمة اقتصادية طاحنة، إضافة إلى تسليط الأضواء على الأزمات المجتمعية المرتبطة بمحدودي الدخل، والاستفادة بالطاقات الفاعلة للصف الثانى من قيادات جماعة الإخوان العاملة على الأرض، بعد اعتقال قادة الصف الأول.

قدم حاكان تصورات تفصيلية حول الواقع الفعلي الذي تحياه مصر الآن، مؤكدا أن إدارة الاستخبارات النفسية -أحد أفرع جهاز المخابرات التركية- استطاعت من خلال عناصرها النشطة في مصر، خاصة من جماعة الإخوان جمع معلومات مهمة تساهم بشكل كبير في إمكانية استقطاب عناصر فاعلة على مسرح الحياة السياسية من القوي الليبرالية، لمنح التحرك الجماهيري فرصة الانطلاق إلي آفاق أوسع من محدودية التيار الإخوانى.

وقال حاكان إن الفرصة مواتية الآن أكثر من أى وقت مضي، لإمكانية شق الصف المصري بين القوي المدنية وتفخيخ التحالف الهش، وتشويه صورة الجيش المصرى من خلال مد قنوات الجزيرة بمواد فيلمية حول تورط الجيش في أعمال عنف، خاصة في سيناء، واللعب بوتر تهميش قاطني سيناء ومطروح، لخلخة الحدود، وإنهاك المؤسسة العسكرية في معارك سياسية، وعرج حاكان إلى الربط المدهش للذهنية المصرية بين الجيش والفريق أول عبد الفتاح السيسي، وبالتالي فإن تشويه أي منهما سينال من الآخر.

بدا واضحا خلال الاجتماع أن الجانب القطرى على استعداد تام للتمويل، والقيام بالدور الإعلامي بشكل مكثف، خاصة عند إشارته إلي نجاح مكتب الجزيرة بالقاهرة فى استقطاب عدد من الإعلاميين، ونقل أسرهم إلي الدوحة لتأمينهم تماما، للعمل وفق الخطة الموضوعة للنيل من الجيش المصرى، مع نجاح بلاده فى تهريب مبالغ مالية لعناصر إخوانية عبر عدد كبير من حجاج الجماعة، خاصة بعد أن أحكمت الحكومة المصرية قبضتها على التحويلات، التي كانت تسير بشكل طبيعى خلال شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر من العام الجارى.

تحدث حاكان مدير الاستخبارات التركية حول المهام التي أوكلت إلي إدارة الاستخبارات الإلكترونية والتقنية بالتعاون مع كتائب الإخوان الإلكترونية في الفترة المقبلة، لتأهيل الرأي العام المصري إلى أن الاحتجاجات القادمة فى القاهرة هي ثورة من أجل استعادة أهداف الثورة، وستبدأ عملها بكثافة خلال الفترة القادمة، مع إحياء المصريين لذكري مذبحة محمد محمود، لتبلغ ذروتها، مع احتفالية القوي الثورية في ٢٥ يناير القادم، وأشار إلى جاهزية الإدارة لإطلاق شعارات أكثر تحررا من فكرة رابعة لإصباغ التحرك بالصبغة الثورية، بعيدا عن الشعارات الإسلامية التي لا تحظى بقبول شعبى خلال الفترة الماضية.

وحذر حاكان من استخدام العمليات الإرهابية بين أوساط السكان، وفي المناطق المكتظة لما يسببه ذلك من خلق حالة رأى عام مضاد للتحرك الجماهيري المطلوب، مع تكثيف العمليات الإرهابية في سيناء والإسماعيلية والسويس، لإشغال القوات المسلحة في معارك خارج حدود التحرك الجماهيرى، مع تحديد المنشآت الحكومية التي يمكن احتلالها، مثل مجمعات المحاكم، ومبانى المحافظات، والوزارات، لشل حركة الحكومة المركزية.

وركز حاكان على ضرورة التعاون بين المجتمعين، فيما يمكن أن يسمي بخلق حالة سخط عام ضد الانقلابيين، واللعب علي وتر الانتكاسات الحكومية المتتالية، كما طالب الجانب الأمريكى بالاستفادة من عناصره الموجودة بالحكومة الآن، وعدد ثلاثة منهم بالاسم، فأشار الجانب الأمريكى إلى أن الفترة القادمة ستشهد انشقاقا داخل الحكومة ذاتها، وسيكون ذلك على الملأ، وهو الأمر الذى يتفق مع ما يحدث الآن داخل أروقة النظام، ومؤسسة الرئاسة بالتحديد، من خلال مسئول كبير واثنين من المستشارين سيدلي أحدهما بتصريحات مفاجئة خلال الأيام القليلة القادمة حول تصويته برفض الدستور !!

المؤامرة بتفاصيلها حصلت عليها أجهزة مخابرات عربية، وحذرت القيادة المصرية من مغبة ما تحمله الأيام القادمة من فوضي عارمة، وكانت المفاجأة أن أجهزة سيادية مصرية لديها علم بالتفاصيل وخطط مواجهة حاسمة.

ولم يكن مفاجئا ما قاله حاكان للمجتمعين عندما ردد: "لابد من تركنة الثورة المصرية"، مفسرا ماقاله بأن النموذج التركى هو المناسب لمصر، ولدول المنطقة، بحيث يتم تحجيم الجيش المصرى، وهو ما سوف يحقق مصالح الجميع، للمضي قدما لتشكيل المنطقة كلها، خاصة بعد ترويض الجانب الإيرانى، وإنهاك مصر ليصبح الخليج ببتروله تحت السيطرة .
الجريدة الرسمية