الرئيس الافتراضى
الرجال يُعرفون بالشدائد، والرؤساء بالمواقف، والرئيس الدكتور محمد مرسى، يفشل "غالبا"، فى الاختبارين، "اختبار الرجال"، و"اختبار الرؤساء".
وليس فى هذا،"ظلم أو تجنٍّ"، على فخامة رئيس مصر المُفدّى، فمواقفه وتصرفاته، تقودنا إلى هذه القناعة، التى يجب على فخامته الاعتراف بها، دون غضاضة، حتى يكون له نصيب من صفات الرجال، وهو أهل لذلك، حسبما يعتقد، هو وجماعته.
فبينما يسود الغضب أنحاء مصر، ويسقط قتلى وجرحى، يوم الجمعة الماضية، وينزل النخبة والعامة، إلى الميادين، يختبئ "مرسى" فى إحدى غرفه "الرئاسية"، يتنقل بين القنوات الفضائية، تارة يتوقف أمام إحدى القنوات الرسمية، التى وضع على رأسها "إخوانيا مثله"، فيتوهم أن الأمور على ما يرام، ولا شىء يدور فى شوارع المحروسة "أو التى كانت محروسة"، وتارة ثانية، يحن قلبه إلى قناة الإخوان "مصر 25"، باعتباره أحد الشركاء فيها، فتؤكد له "أن الدنيا ربيع والجو بديع ، "قفل لى بأه على كل المواضيع"، وتارة ثالثة، يضغط "بالخطأ" على "الريموت كنترول"، فيكتشف واقعا مغايرا، على فضائية لا تدين للجماعة بأى ولاء، ويتأكد أن قتلى وجرحى سقطوا، فينتفض لحظات، لكنه يسارع بسؤال أحد حاشيته:"همه اللى ماتوا دول إخوان واللا لأ؟"، فتأتى الإجابة سريعة:"لأ، يا ريس، متخفش، مش إخوان"، حينئذ، يطمئن قلب رئيس مصر، ثم ينهض، فيتوضأ، ويصلى ركعتى شكر،لأن الله حمى إخوانه، داعيا إياه بمزيد من الحفظ والرعاية،لإخوانه، وجماعتهم، ومرشدهم.
بعدها، يدخل الرئيس على موقع التواصل الاجتماعى المختصر "تويتر"، فيقرر كتابة "تويتات"، تحمل التهانى لرؤسائه فى مكتب الإرشاد، تحمل حروفها سعادة وسرورا، لأن جميع القتلى والمصابين، ليسوا إخوانا، بل متظاهرين"كفار"، حتما سوف يدخلون النار، وبئس المصير.
أحد المقربين من الرئيس، يحدثه عبر الفيس بوك، وبعد العبارات النمطية، ينصحه بأن يلقى خطابا للأمة، يُعزى خلاله أسر الضحايا، الذين سقطوا فى الاشتباكات، لكن الأخير يقاطعه، مذكرا إياه بأنهم ليسوا من جماعة الإخوان، ومن ثم فلا داعى للتعب، خاصة أنه يفضل ألا يرهق نفسه يوم الجمعة!.
صديق الرئيس، يشدد عليه النصيحة، حتى يقطع الطريق، على منتقديه، من أعداء الإسلام، فيفكر مليا، ثم يقرر اتخاذ قرار جمهورى "مع نفسه" بأن يلقى خطابه عبر "تويتر"، فيؤكد خلال "تويتة رئاسية" حزنه من سقوط ضحايا، معزيا أسرهم، بعدها يركن إلى الدعة والهدوء،حتى يعكر صفوه مكالمة "خشنة"، من رئيسيه ، مرشد جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، ونائبه المهندس خيرت الشاطر،وبّخاه خلالها توبيخا عنيفا، وقال له أحدهما: لماذا تفعل شيئا من تلقاء نفسك، منذ متى وأنت تتخذ قرارا، هذا ليس اتفاقنا؟ لا تنس أننا قادرون على إعادتك إلى قريتك بالشرقية، ترعى البهم!.
يشعر "مرسى" بخطيئته،يحاول التطهر منها، يتصل بصديقه، مُعنفا إياه، طالبا منه ألا يتصل به مرة ثانية، وأن يُنهى علاقتهما إلى الأبد،لا سيما أن "الشاطر" أكد له أنه يتجسس على مكالماته وجميع تفاصيل حياته.
فى المقابل، يدرك الشعب المكلوم، بأن رئيسه الذى يحدثه من العالم الافتراضى، ليس إلا رئيسا افتراضيا، لا وجود له، تماما مثل المعلومات التى وردت فى هذا المقال باستثناء أن من يحكم المصريين منذ 6 أشهر "رئيس افتراضى".