محاضرة بمعرض الشارقة عن "كيفية تعليم التفكير للأطفال"
قدّم الباحث والمترجم والمستشار في رأس الخيمة، زكريا أحمد، محاضرة بعنوان: "كيف تُعلم طفلك التفكير؟"، من تنظيم مكتبة اليقظة العربية في رأس الخيمة.
وجاءت الندوة ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته الثانية والثلاثين، بدأها المحاضر بالإشارة إلى قصيدة الشاعر حطان بن المعلى الطائي التي يتحدث فيها عن خوفه الشديد، وقلقه البالغ على أطفاله الصغار، التي قال فيها:
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت العين من الغمض.
وقال أحمد: إن هذا الخوف وهذا القلق الذي كان الشاعر القديم يشعر به تجاه أطفاله، يشعر به إنسان العصر الحديث أضعافا مضاعفة، بعد أن تعقدت سبل الحياة، وزادت المخاطر التي تحيط بالصغار والكبار من كل حدب وصوب، ولا يستطيع أي إنسان مهما حاول، أو كانت لديه كل الوسائل، أن يحرس طفله ويتابعه طوال الوقت، حتى لو كان في المنزل بين أربعة جدران بعيدا عن الأخطار الخارجية.
وتابع: إن الحل الأفضل للتصدي للقلق والخوف، يكمن في أن تكون لدى الطفل آليات الحماية الداخلية وميكانزمات الدفاع الذاتية، التي تجعله يواجه أي أخطار أو مواقف صعبة غير متوقعة، ويتعامل معها بما يضمن سلامته، ولن يكون هذا إلا بتزويد الطفل بمهارات التفكير، وتدريبه على استخدامها، بحيث يستطيع التصرف وحده في مواجهة أي مشكلة، واتخاذ القرار المناسب، دون أن ينتظر أي نجدة أو مساعدة من أهله.
وتحدث الباحث عن بعض الأساليب التي يمكن أن يتبعها الآباء والأمهات، لتنمية مهارات التفكير عند أطفالهم، مثل الأساليب التي استخدمها إدوارد دي بونو، رائد تعليم التفكير الإبداعي في العالم، في كتبه قبعات التفكير الست، والتفكير الإبداعي، وبرنامج كورت.
وقدّم المحاضر شرحًا مفصلًا لقبعات التفكير الست، وما الذي يرمز إليه كل لون من ألوانها الستة، وكيف يمكن للأسرة أن تستخدمها مع الأطفال، كما أشار إلى بعض العلامات التي تدل على وجود الميول الإبداعية لدى الطفل، مثل اندماجه في أنشطة غير مألوفة، واستعماله الأشياء بطريقة غير مألوف.
وأوضح أن قبعات التفكير الست، عبارة عن ستة أنماط، تمثل أكثر أنماط التفكير الشائعة عند الناس، فالقبعة البيضاء تمثل التفكير الرقمي، الذي يؤمن بلغة الأرقام والوثائق والإثباتات، والقبعة الصفراء تمثل نمط التفكير المتفائل الحالم الذي يركز على الإيجابيات، والقبعة الحمراء تمثل نمط التفكير العاطفي الذي يفعَّل العاطفة وخياراتها بشكل أكبر وفي كل المواقف، والقبعة السوداء تمثل نمط التفكير المتشائم الذي يركز على السلبيات، والقبعة الخضراء تمثل نمط التفكير الإبداعي، الذي يهتم بالبحث عن البدائل الأخرى، والتفكير بالأمور بطريقة غير مألوفة وجديدة، أو يعطي الكلمات دائمًا مفهومًا معاكسًا، والقبعة الزرقاء، التي تسمى قبعة التحكم بالعمليات، تمثل نمط التفكير الذي يدير ويضع جدول الأعمال ويخطط ويرتب وينظم باقي العمليات.
ولفت إلى أن القبعات الست، تعتبر من أهم أساليب وطرق تنمية الإبداع في تحسين التفكير الإبداعي، تساعد في منح عملية التفكير قدرها من الوقت والجهد، وترتكز العملية الإبداعية على أمر مهم جدًا، هو نمط التفكير عند الإنسان وأسلوب تعامله العقلي والفكري مع مجريات الأحداث المختلفة، مشيرًا إلى أن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها برنامج قبعات التفكير تكمن في ضرورة تدّرب الإنسان على ممارسة كل هذه الأنماط، أثناء حل المشكلات والقضايا العالقة، تجنبًا للوقوع في مصيدة تشويش الأفكار، ويتم ذلك من خلال الممارسة والتدّرب على تجسيد شخصية الإنسان الرقمي والعاطفي والمبدع والإيجابي والسلبي، وباختصار ارتداء قبعة كل نمط، ثم خلعها لارتداء القبعة الأخرى، وهكذا، فتبديل كل هذه القبعات وممارسة كل هذه الأنماط من التفكير، يساعد الإنسان على ترتيب أفكاره أكثر وتنظيمها بشكل متوازٍ، ويسهم في الوصول إلى الحل الأفضل للمشكلة، واتخاذ القرار السليم.
وقدّم المستشار أحمد في محاضرته أيضًا، مجموعة من الأفكار التي يمكن استخدامها داخل الأسرة، لمساعدة الأطفال على الطلاقة والمرونة والأصالة في التفكير، وبعض الأنشطة التي تتعلق بتنمية قدرات الطفل على الملاحظة والمقارنة.
وفي نهاية المحاضرة دار نقاش حول ما طرح فيها من أفكار، وشارك في المناقشة أيضا مجموعة من طالبات المدارس.