فضل العلمانية الفاجرة على المجاهدين الإسلاميين !
أكثر ما يضحكني من الشعارات التي يرفعها الإخوان المسلمون وأنصارهم منذ انتهي عهدهم البائس، هو شعار "إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية" !
دعك من أن هذا الشعار الذي ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه مجرد سبوبة ضحكوا به على البسطاء والغلابة ممن أعياهم الفقر، لكن المضحك أن الغرب العلماني الكافر والليبرالي الفاجر – كما يسميه هؤلاء - هو الذي يساندهم الآن ويبذل الغالي والرخيص ليعيدهم إلى الحكم مرة أخري !
ما زلت أذكر المدعو حازم شومان وهو يصرخ بعد ثورة 25 يناير قائلا "عارف ليبرالية يعني إيه ؟ يعني أمك تخلع الحجاب"، ولن أنسي محمد حسين يعقوب بطل "غزوة الصناديق" وهو يشيح بيده مطالبا خصوم التيار الإسلامي بالهجرة إلى كندا وأمريكا، ثم دارت الأيام دورتها لنكتشف أن أهم وأخطر صفقات الإخوان المسلمين كانت مع الولايات المتحدة، وأن السلفيين قد طلبوا وساطة الدكتور سعد الدين إبراهيم لدي الأمريكان باعتبارهم التيار الأفضل لخلافة الإخوان في حكم مصر!
ليس هذا فحسب، بل إن الإدارة الأمريكية كانت ومازالت تساوم النظام الجديد في مصر بورقة المساعدات الاقتصادية والعسكرية بهدف إنقاذ محمد مرسي ورفاقه من السجن لتحقيق ما يسمونه بالمصالحة الوطنية.. فماذا جري للعلمانية؟ هل راجعت نفسها وقررت أن تكفر عن ذنوبها في حق الإسلام والمسلمين؟ هل أجري العلمانيون الفجرة مراجعات فقهية واكتشفوا أنهم تآمروا على الإسلام كثيرًا جدًا وعليهم أن يتوقفوا عن مؤامراتهم ويردوا الحق لأصحابه فيعاونوا الإخوان وحلفائهم حتي يطيب لهم حكم مصر وتجري أنهار المحروسة من تحت أقدامهم ؟
بالطبع لا، فالمسألة ليست إلا مصالح سياسية، تتغير وتتبدل حسبما يري كل طرف الوجهة التي تحقق أهدافه، فالولايات المتحدة لكي تفوز في حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي صنعت أسامة بن لادن، وأرسلته إلى أفغانستان ومعه المجاهدين العرب، تذكرون ساعتها كم دفع المصريون من تبرعات لكي يساهموا في الجهاد ضد السوفيت الكفرة، كان الإخوان ومن على شاكلتهم يقودون حملات التبرع في أواخر الثمانينات دون أن ندرك أنهم يدورون مع الفلك الأمريكي وتحل بركاتهم أينما حلت إرادة البيت الأبيض.
سافر مصريون كثيرون للجهاد في أفغانستان، وعلي غرار أسطورة سيدنا جبريل الذي ظهر في رابعة العدوية وقت اعتصام الإخوان، والرؤيا التي ظهر فيها الرسول صلي الله عليه وسلم وهو يطلب من محمد مرسي أن يؤم الناس في الصلاة، سمعنا إبان حرب أفغانستان عن المجاهد الذي كان يلقي حفنة التراب على دبابات السوفيت فيفجرها، وقرأنا عن رائحة المسك التي تفوح من أجساد شهداء المسلمين، في هذا الوقت فرح نظام مبارك برحيل من قرروا السفر للجهاد معتقدًا أنه رحيل بلا عودة، لكن خابت ظنونه وعاد هؤلاء ليقودوا حربًا ضد نظامه استمرت لسنوات..
عندما رأت أمريكا العلمانية الليبرالية الفاجرة أن مصالحها تتطلب معاونة بن لادن تحالفت معه، حتي انقضي الأمر، وانقلب التحالف إلى عداء وظلت أمريكا تطارده حتي قتلته !
وعندما اشتعلت ثورات الربيع العربي اختارت أمريكا أن تدعم التيارات الإسلامية للوصول إلى الحكم، ولما سقط حكم الإخوان بذلت إدارة أوباما كل ما تستطيع لإنقاذهم، كما أن الإخوان لم يقصروا في مخاطبة الغرب العلماني الكافر الليبرالي الفاجر ليطلبوا دعمه في مواجهة ما أسموه بالانقلاب العسكري !
سبحان مغير الأحوال، فالولايات المتحدة التي تدخلت في الجزائر عقب فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في انتخابات ديمقراطية وتحالفت مع الانقلاب العسكري الذي أطاح بها عام 1992 هي نفسها الولايات المتحدة التي تضغط على مصر معتبرة أن ما جري عقب 30 يونيو هو انقلاب عسكري ضد حكومة منتخبة !
من جانب آخر، يجب ألا ننسي أو نتجاهل أن ليبرالية المجتمعات الغربية – بعيدًا عن الإدارات الحاكمة – هي التي حمت الإسلام والمسلمين في الغرب، فسمحت لهم ببناء مساجدهم ومراكزهم العلمية والدينية، ومارسوا في ظل هذه الليبرالية والعلمانية – التي يقولون لنا هنا إنها فاجرة ومنحلة – شعائرهم الدينية بحرية تامة، لذلك فالسؤال الذي يجب أن نوجهه إلى المهووسين بفكرة المؤامرة على الإسلام هو: لماذا يتآمر الغرب على المسلمين الذين يعيشون في بلادهم بينما يتعامل مع المسلمين المقيمين في الغرب نفس معاملة السكان الأصليين؟، لماذا لم نسمع أن مؤسسة غربية فصلت عالما أو مخترعًا أو حتي موظفًا عاديًا لمجرد أنه مسلم ؟، لماذا لم تحرق المساجد في أوربا وأمريكا ؟
وفي المقابل: لماذا تستمر المجتمعات الإسلامية المتدينة المحافظة على تخلفها العلمي والاقتصادي والاجتماعي ويتحدث أبناؤها طوال الوقت عن المؤامرات والمتآمرين بينما يعيشون على سلع ينتجها هؤلاء المتآمرون ؟، ليس هذا فقط، بل إن أي فصيل من هذه المجتمعات يحلم بالوصول إلى السلطة في بلاده لابد أن يستأذن الغرب أولًا ويحصل منه على "البركة".. كل هذه وينكرون فضل العلمانية الكافرة والليبرالية الفاجرة على المجاهدين المسلمين !!