حدث ذات يوم.. فى الأهلى ومن صالح سليم !
قالوا إنه مجنون بلا شك.. فقد عقله وضاع صوابه ووقفه عند حده واجب.. وكان الآخرون أكثر تهذبا واكتفوا بالقول إنه يغامر بمستقبل وسمعة النادي الأشهر في أفريقيا والشرق الأوسط والوطن العربي من أجل عناده الشخصي وما يؤمن به من مبادئ وما يتمتع به من كبرياء.. ولا ذنب للنادي في كل ذلك!
نعود بالذاكرة إلي أيام الدرس والمدرسة.. كنا ننتظر المباراة بشوق بالغ.. ونتشاجر مع عشاق الزمالك.. فقد كانت الساعات والدقائق ذات أسبوع في منتصف ثمانينيات القرن الماضي تجري وتقفز نحو معركة كروية كبري حاسمة تنهي مشوارا طويلا في الدوري العام.. والأزمة بين إدارة النادي واللاعبين الكبار تتصاعد.. لا حل يبدو في الأفق.. والبطولة تبتعد عن الأهلي ومجهود موسم كامل يذهب في الهواء.. يتبخر مع ما تبخر من هدوء واستقرار في معارك لم يشهدها النادي من قبل..
قرر صالح سليم رئيس النادي ( بل وأشهر رؤسائه علي الإطلاق)، تجميد نشاط ستة عشر لاعبا من كبار النجوم حتة واحدة..! كانوا نجوم كرة القدم في مصر وعماد المنتخب القومي.. كيف ذلك؟.. صالح سليم سيدمر الأهلي.. ليس من حقه أن يفعل ذلك.. نكسب البطولة ثم نحاسب الجميع.. ليس معقولا أن نخسر البطولة في يومها الأخير.. ما لا يدرك كله لا يترك كله.. وغيرها من تعليقات الصحف والكتّاب وتصريحات المعلقين ورموز الأهلي القدامي.."!
صالح سليم يستكمل إصراره.. وعناده في الحق.. ويدفع بالأشبال إلي المباراة !! الدهشة عنوان كل شىء.. الخسارة محققة.. الزمالك يضم فاروق جعفر وهشام يكن ومحمد صلاح وإبراهيم يوسف وأشرف قاسم.. جيل العمالقة بلا جدال.. والأهلي يدفع ببدر رجب وعلاء عبد الصادق وطارق خليل ومحمد السيد وضياء السيد.. في مواجهة غير متكافئة وغير معقولة..!
الأهلي يرفع من قيم المبادئ والشرف.. وأن لا أحد يمكنه أن يلوي ذراع النادي.. وأن تخسر مباراة أفضل كثيرا من أن يخسر الأهلي المبادئ.. كانت تصريحات قادة الأهلي ليست إلا نعيا للدوري وترحما علي البطولة..!
وفي الزمالك بدأت احتفالات البطولة.. ربما كان رئيس الزمالك وقتها المهندس محمد حسن حلمي.. الذي استعد بمكافآت الفوز.. والبطولة.. وشكل وطريقة التكريم المناسبة لنجوم الزمالك الكبار.. ومن من نجوم الطرب والغناء سيحي حفل النادي الساهر..
وتبدأ المبارة.. الإشفاق علي اللاعبين الصغار سيد الموقف.. البحث عن مواهب بينهم هدف الأهلي الأساسي.. والاستعداد للموسم الجديد هدف إضافي كذلك.. وتمر الدقائق.. تتبعها الدقائق.. حتي تنتهي المباراة وتتحقق المعجزة.. يفوز أشبال الأهلي وبالثلاثة.. يجر كبار ونجوم الزمالك أذيال الخيبة.. كل الخيبة.. ولا شىء غير الخيبة..!
الأهلي وصالح سليم فازا بالمباراة.. وبالقيم قبلها.. ومن دون القيم والمبادئ.. فلا شىء يهم ولا شىء يستحق.. المبادئ تنتصر.. ولكن عندما يتصدر الأمر - أي أمر - القادرون علي القرار.. أي قرار!
المجد للمبادئ.. وسلام علي روحك يا كابتن صالح سليم!
