رئيس التحرير
عصام كامل

قضية السيف فى الإسلام


تحاصرنا تلك الملصقات والمطبوعات والأعلام التي تحوى نص شهادة الإسلام، محمولة على سيف حاد بتار طويل بطول الشهادتين، وكأنه يأبى أن يترك حرفًا منها إلا وينعته بنصله الحاد، ومع أن كلمة السيف لم تذكر أبدًا في القرآن، إلا أنه فرض ذاته في فقه الأقدمين، فصار ضرب الأعناق باسم الإسلام شائعًا في عصور الظلام والانحطاط..


لقد فُرضَ من جانب سلطة أمن دولة الخلافة التي حكمت باسم الدين وتحكمت في رقاب العباد، فأصبح السيف الذي يمثل سطوة الحاكم مقرونًا بمفهوم الدين الذي امتلكه الخليفة من قبل، فكثر سفك الدم باسمه حماية لسلطة الظالمين ومصالحهم، وهذا الحجاج يتكلم باسم الخليفة الأموى مهددًا أهل العراق (والله إنى لأرى رءوسًا قد أينعت وحان قطافها)، مع أن الإسلام الذي استخدموه لبسط سلطانهم دين السلام والعدل، تحيته السلام، وجنته دار السلام، ويجنح للسلام، دعا إلى الصلة والمودة وحرمة سفك الدم، فحصن النفس الواحدة وجعل لها الكرامة من لدن خالقها، ونعت سافك دمها بغير حق بقاتل الناس جميعًا..

فالسيف مُجَرّم ابتداءً في مفهوم الإسلام، وهو استثناء وظيفى في حالة الدفاع الشرعى عن النفس التي حرمها الله وليس الأصل كما صوروه للناس، إنه المفهوم العربى للإسلام الذي تَطَبَّعَ بطباعهم القبلية التي تقوم على استحضار حالة المواجهة والتحفز ضد الآخرين بأشد ما تحمله المواجهات من شدة وعداوة، وهو إصرار على اعتبار الإسلام دعوة قبلية عربية تقوم على مفهوم الفرض ولا تبنى أصولها على العرض، ما يستلزم مواجهة الإقليم المسلم تجاه الآخرين، فقام على أساسه المفهوم الفقهى القديم الذي يضع العالم كله دارًا للحرب أمام بلاد المسلمين كدار للإسلام، وهو بذلك يريد أن يكره الآخر على اعتناقه مخافة القتال، مع أن القرآن نص صراحة على أنه لا إكراه في الدين.

إن ترادف السيف مع الدين يجب أن يُجرم في تشريعاتنا، ومعه كل رمز أو شعار أو مفهوم يدعو للعنف أو للترهيب والتهديد..
أبعدوا القسوة والبغض والمواجهة باسم الدين، وليعد كما كان عنوانًا للحب والسماحة والسلام.
الجريدة الرسمية