رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان.. ونابليون


كل كتب التاريخ تقف عند دخول نابليون بونابرت الأزهر الشريف بالخيل والجنود لمهاجمة ثوار القاهرة.. وكل كتب التاريخ لا تنسي أن تؤكد أن نابليون دخل الأزهر بسنابك الخيل.. والأزهر طبعا ليس مجرد مسجد، لكنه مسجد ومنارة للمسلمين في كل الدنيا في ذلك الوقت وكل وقت وحتى الآن وفي المستقبل.. والتأكيد على سنابك الخيل له معني أن الجنود لم يكفهم الدخول بالأحذية الدنسة بل بالخيل التي تعدو أقدامها على الطرق القذرة، لا أحد ينسى ما فعله نابليون وكيف صار أمثولة على بطش الغزاة وكفرهم.


صار للأزهر جامعة، ولكن لها ما له من قداسة، ففيها علوم الدين والعلوم الحديثة بدلا من ساحة الأزهر نفسه التي خلصت للصلاة بعد أن تطورت الدراسات فيه وصارت للدنيا والدين، لجامعة الأزهر قداستان: الأولي من كونها جامعة الأزهر فيها علوم الدين والدنيا، والثانية لكونها جامعة، وللجامعة حرمة على أي معتد، حرمتان إذًا للمكان.. لكن الذي حدث أنه تم انتهاك الحرمتين، حرمة الدين وحرمة العلم حين قام طلاب الإخوان المسلمين ومن انضم إليهم من العناصر الخارجة عن الجامعة بالاعتداء على المبني الإداري وإحراق الأوراق وإلقاء الأجهزة من النوافذ وإلقاء المولوتوف على المكان والناس..

طلاب الإخوان الذين تظاهروا كثيرا من قبل لم يفرقهم من داخل الجامعة أحد، كانوا يتركونها برغبتهم ويخرجون لتعطيل الطرق، صار نابليون شيئا تافها أمام ما فعله الطلاب الإخوان والبلطجية من الخارج لسبب بسيط جدا هو أن درس نابليون لا ينساه إلا خائن للوطن، وأن ما يحدث الآن يراه العالم كله في نفس الوقت فالتحدي فيه واضح، حتي الآن لم تستدع أي جامعة الشرطة للتخلص من مظاهرات الطلاب الإخوان، لكن هذه المرة تم الاستنجاد بالشرطة التي قبضت على أكثر من عشرة لا علاقة لهم بالأزهر ولا الجامعة ولا العلم ولا الدين، وكأن ذلك كان منتظرا ليقال انظروا لقد دخلت الشرطة الحرم الجامعي!

لقد دخلت الشرطة حرم جامعة الأزهر! وبالفعل هذا هو السائد على كل صفحات الإخوان المسلمين الإلكترونية ومن يتحالف معهم من التيارات الأخري، كأن أحدا لم ير ما جرى من قبل وأدى إلى ذلك، كان الإخوان المسلمين قبل محمد مرسي وبعده يرتكبون الكارثة ويقولون عن الضحايا لماذا ذهبوا إلى هناك، كما حدث عند الاتحادية والمقطم وغيرهما، أما الآن فيرتكبون الكارثة ويقولون لماذا جاءت الشرطة تضربنا؟

لقد قلت وكتبت مرارا وتكرارا أن ما يفعله الإخوان المسلمين منذ عزل محمد مرسي لا معني له، ولن يؤدي إلى أي مكاسب لهم، لقد أخذوا فرصتهم العظمي بيد الثورة نفسها التي وصلت بهم إلى الرئاسة والحكم لكنهم تنكروا للشعب والثورة، وذهبوا إلى الشرطة يطلقون يدها في قتل واستباحة الثوار إلى جانب ميليشياتهم وبلطجيتهم، وأن ذلك لن يستمر طويلا وسيأتي اليوم الذي يطردهم الشعب ووقتها ستنضم إليه الشرطة التي جري بها كثير من التحولات خاصة في كثير من شباب الضباط الذين يرفضون أن يكون لهم دور في السياسة، وسينضم الجيش المحايد وقتها إلى الشعب وحدث ما قلت، قلت أيضا إن ما يفعله الإخوان بعد عزل مرسي لن يكون له قيمة غير تقوية الشرطة والدولة القديمة كلها ذات العداء التاريخي معهم، وإذا أضفنا إليها الشعب فلا قيامة أبدا للإخوان مرة أخرى.. لكنهم للأسف لا يتعظون.

الجريدة الرسمية