رئيس التحرير
عصام كامل

باسم.. والقرضاوى


سوف يندهش مؤكدًا البعض من جمع العنوان بين الإعلامي باسم يوسف والداعية يوسف القرضاوى، لأنه ليس هناك ما يجمع بين الشامى والمغربى، كما يتندر الناس على الجمع بين المختلفين!.. لكن بقدر من التمهل سوف نكتشف أن هناك ما يجمع بين الاثنين.. 

باسم والقرضاوى.. كلاهما يقول ما يثير ضحكنا سواء كان من خلال برنامج تليفزيونى أو من فوق منبر مسجد في العاصمة القطرية، وإن كان باسم يعترف بأنه يمارس ويمتهن السخرية، بينما يضحكنا القرضاوى بكلامه وهو متجهم، وينكر أن كلامه مثير للضحك!

غير أن الكلام المثير للضحك ليس وحده ما يجمع بين باسم يوسف ويوسف القرضاوي.. هناك أمر آخر يجمع بينهما وهو الموقف غير الراضى عن الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد، وإن كان القرضاوى يجاهر بالعداء للحكم الحالى القائم في البلاد، بينما لم يذهب باسم إلى ما هو أبعد من غير الرضا عن الأوضاع السياسية القائمة ورموزها الحاليين.

فالقرضاوى لا يترك خطبة جمعة الآن إلا وينتهزها لشن هجوم حاد على القوات المسلحة والدعاء عليها والتشهير بها، لأنه يرى مثل بقية الإخوان أن العدو الأول لهم القوات المسلحة وقادتها، ولا يعترف بأن ما حدث في مصر في ٣٠ يونيو ثورة شعبية عارمة، وإنما يرى أن الإطاحة بمرسي تمت عبر انقلاب عسكري، أما باسم يوسف فهو على العكس من القرضاوى، لم يحسم موقفه بعد كما بدا من خلال الحلقة التي عاد بها للظهور تليفزيونيًا حول ما حدث في مصر إن كان ثورة شعبية كبيرة أم انقلابا عسكريا، وإن كان بدا أنه يميل بشكل مباشر لاعتباره انقلابًا ناعمًا، لعل هذا تحديدًا ما يجمع بين باسم والقرضاوى.. وكلاهما لا يرى أن ما حدث بمصر في ٣٠ يونيو ثورة شعبية.. وكلاهما أيضا لا يزعجه الإرهاب الأسود الذي عاد ليطل بوجهه الكئيب علينا مجددًا، ولا يؤرقه محاولات التدخل الأجنبى في شئوننا، وإن كان القرضاوى يزعجه أن هذا التدخل غير كافٍ!

وهكذا يمكن أن تتشابه مواقف المتناقضين في الرؤى السياسية.. وهذا يحدث عادة إذا كانت النظرة السياسية مشوشة، أو كانت الرومانسية السياسية طاغية، أو أيضا كان التأثير الخارجى موجودًا.. لكن سواء تعددت الأسباب فإن النتيجة في نهاية المطاف ستكون واحدة وتتمثل في إضعاف جبهة الذين يتصدون للإخوان وحلفائهم من الجماعات الإرهابية الأخرى.

لذلك فإننى أرى أن الأفضل والأجدى ترك أصحاب هذه المواقف للناس ليحكموا عليهم بأنفسهم، حتى ولو حدث ذلك ببطء واحتاج بعض الوقت.. فهذا أفضل من اتخاذ أي إجراءات إدارية أو قضائية ضد أصحاب هذه المواقف، بل وأفضل أيضا من التصدى لهم من خلال حملات إعلامية.. ولا تنسوا أن الناس في بلدنا نضجوا سياسيًا وهم قادرون على التمييز بين الغث والثمين.
الجريدة الرسمية