إن كان هذا هكذا.. فلماذا كان ذلك كذلك؟!
المصريون يصرون علي العدل الاجتماعي ويرون أن بغيره فلا ثورة قامت ولا نظام رحل.. ويرون ونري معهم أن العدل الاجتماعي ليس زيادة في رواتب تبتلعها زيادة في الأسعار.. إنما العدل الاجتماعي تكافؤ فرص وعدل في تقديم الخدمات لكل المناطق ولكل الفئات وأن تتوزع ثروة الوطن بالعدل علي الناس..
والمصريون يحزنون لما يجري في العراق ويبتهلون إلى الله ليتوقف نزيف الدم في سوريا ويشكرون وقفة الأشقاء في الخليج ويتطلعون لأن تحسم تونس المعركة مع الإخوان، ويفصلون بين حركة حماس والفلسطينيين ويسمعون فيروز يوميا وينشغلون كثيرا بتصريحات ملكة جمال المغرب!
والمصريون سعدوا واطمأنوا وشجعوا لجوء الدولة لنظام التسعيرة الجبرية لحماية طعام الفقراء من تغول التجار وجشعهم واعتبروه حلا ضروريا!
والمصريون يكرهون أمريكا ويتظاهرون ضدها ويتهمون كل من يرون أنه خاين وخارج عن الوطنية - حتى لو كانت اتهاماتهم غير صحيحة - بأنه عميل أمريكا أو متعامل معها أو مفتون بها في أقل تقدير!
والمصريون في غالبهم يعتقدون أن "الإخوان " لا ينبغي التعامل معهم بالحسنى.. وأن الشدة تجاههم مطلوبة وضرورية وأن أفضل فترات مواجهتهم كانت في الستينيات!
والمصريون الآن يرون أن الديمقراطية ترتبط بالوعي ويطالب بعضهم بمنح حق التصويت في الانتخابات والاستفتاءات للحاصلين فقط علي شهادة دراسية لا تقل عن المرحلة الإعدادية!
والمصريون سعداء للتطور الحاصل في العلاقات المصرية الروسية ويستنشقون معها أياما مضت كانت العلاقات البينية بين الدولتين علي أفضل ما يكون منحت لمصر السد العالي والمصانع الثقيلة والسلاح الذي انتصرنا به في أكتوبر!
طيب.. إن كان هذا هو حال المصريين الآن.. وهم مع العدل الاجتماعي والعروبة وتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ويرون أن إسرائيل عدو وستظل كذلك.. ومع مبدأ نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا.. فلماذا إذن صدقتم كل أكاذيب الإخوان عن فترة حكم جمال عبد الناصر؟ ولماذا لا يزال البعض مترددا في رد الاعتبار لهذه الفترة المجيدة من حكم مصر؟؟!!
لماذا يعطي البعض لعقولهم إجازة مفتوحة؟ بل وبعضهم كتب استقالة عقله نهائيا من رأسه العظيم!!