رئيس التحرير
عصام كامل

جاكت مرسى


فى ٢٩ يونيو ٢٠١٢، وقف الدكتور محمد مرسي بميدان التحرير وسط الآف الحشود التى جاءت من المحافظات وظلت تهتف باسمه، وخرج مرسي عليهم ليكمل المشهد وهو فاتح "جاكت البدلة"، ليقول لهم إنه رئيس لكل المصريين، وأعطى إيحاءً "بفتحة الجاكت" أنه لا يرتدى قميصا واقيا، وأنه قد أصبح فى حمايتهم على عكس الصورة السائدة فى ذلك الوقت بالبروتوكولات الرئاسية الجافة الشديدة والتى كسرها مرسي بفتحة الجاكت.. المشهد كان مهيبا، والميدان يهتف بحياته، والحناجر تملأ سماء الميدان.. مشاهد أخرى كانت كاشفة منذ البداية لخريطة الجماعة فى التعامل مع المصريين.


ظل مرسي يردد أنه رئيس لكل المصريين، ولكن جاء أول اختبار له ولجماعته، بعد الوعود التى قطعها على نفسه وقت أن كان مرشحا للرئاسة، والتى عرفت ببرنامج المائة يوم، وخرجت مظاهرات ضده بميدان التحرير تطالبه بكشف حساب عن المائة يوم، وقتها كشرت الجماعة عن أنيابها وحركوا ميليشياتهم وراحوا يطاردون شباب الثورة "حرية عدالة مرسي وراه رجالة"، ومرسي فى قصره يستمتع بما يراه على الشاشة قبل أن يلقن ثوار الميدان درسا للإخوان فى الميدان الذى وعد فيه مرسي بأنه رئيس لكل المصريين. 

من يهتم بتحليل مضمون خطابات مرسي، سيكتشف أنها فى أغلبها لها طابع كوميدى، وموجهة فقط "لأهله وعشيرته"، هم الوحيدون القادرون على حل طلاسم لغة مرسي وفهمها، ونالت السخرية من مرسي، وهو فن يجيده المصريون فى التنكيت والتبكيت على حالهم وحال رئيسهم، وإن كان سلاحا لا يستهان به لمواجهة الحاكم، وتطورت لغة سخرية المصريين من مرسي حتى وصلت لمرحلة "عدم الاحترام" ونعته أحيانا بالرئيس الغبى.. وساهم هو فى إعطاء هذه الصورة فى جميع خطاباته، لدرجة أن البعض كان ينتظر خطابات مرسي مستعينا بكل وسائل التسلية وكأنهم فى انتظار مسرحية كوميدية.

ومثلما بدأ مرسي عهده فى ميدان التحرير وهو يفتح "جاكت البدلة"، أنهى مرسي عهده أيضا بالبدلة ولكن هذه المرة، أغلق "جاكت البدلة"، وكأن مشكلة مرسي خلال عام من الحكم هى "زرار البدلة".. فتح مرسي عهده مرحبا بكل المصريين، حتى أثنى على سائقى التوك توك، وأنهى عهده بـ"ميكروباص"، وما بين التوك توك والميكروباص استطاع الشعب المصرى عبر ثورته فى ٣٠ يونيو أن يجبر مرسي وجماعته التى ظلت تعمل لثمانية عقود من العمل السري أن يعودوا لجحورهم كما كانوا .
الجريدة الرسمية