رئيس التحرير
عصام كامل

«الدب الروسي يطرق أبواب الفراعنة».. زيارة بوتين تحمل عهدًا جديدًا للتعاون العسكري.. القاهرة مفتاح عودة موسكو للشرق الأوسط.. صفقة عسكرية بـ15 مليار دولار.. ارتفاع السفن الحربية الروسية لـ16 ب

 الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

أصبح مستقبل العلاقات المصرية/ الروسية، الشغل الشاغل لدى المحللين والمراقبين لتطورات منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية، والإدارة المصرية الجديدة، عقب عزل الرئيس الإخواني "محمد مرسي"، والانحياز الصارخ الذي أبدته واشنطن للمعزول وجماعة الإخوان.

"الغرور والعنجهية الأمريكية"، دفعا البيت الأبيض إلى تصور هيمنة واشنطن على دولة بثقل وحجم مصر، التي تمثل رمانة الميزان بمنطقة الشرق الأوسط، وأغفل الرئيس الأمريكي باراك أوباما وإدارته تربص دب روسي ورغبته في العودة بقوة لدوره بالمنطقة والقضاء على النفوذ الأمريكي بها.

ونظرًا لما تمثله مصر الرسمية والشعبية من ثقل بالمنطقة، سارع "الكرملين" تحت إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بناء جسور التواصل والإعراب عن الاستعداد لتقديم كل أشكال الدعم للقاهرة، وتحديدًا العسكرية منها والتي اعتبرتها واشنطن "محركا للقرارات المصرية، وفرض إرادتها على القاهرة".

زيارة بوتين
"وربما تكون القشة التي تقسم ظهر أوباما"، ما كشفه موقع القناة السابعة الإسرائيلية "عروتس شيفع" الصادر باللغة الإنجليزية، عن زيارة مزمعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة نهاية نوفمبر الجاري، وهو ما رآه المحللون محاولة روسية لاستبدال مكانة أمريكا كأكبر ممول عسكري لدول المنطقة.

وأشار الموقع الإسرائيلي إلى أن المسئولين الأمريكيين يتوقعون أن الزيارة الروسية تهدف إلى الإعلان عن صفقات أسلحة كبيرة مع مصر، لافتا إلى أن الدب الروسي يسعى إلى استغلال توتر العلاقات بين واشنطن وكل من الرياض والقاهرة لإتمام هذه الصفقات التي تعيد لموسكو نفوذها في المنطقة من جديد.

وقال إن حدة التوترات ارتفعت بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر بعد تجميد إدارة "أوباما" لجزء من المساعدات العسكرية لمصر في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي الذي كان يحظى بدعم خاص من البيت الأبيض.

وأوضح أن مصر باتت مهتمة بشراء معدات عسكرية حظرتها الولايات المتحدة الأمريكية مثل الطائرات المقاتلة الروسية وصواريخ "تور" المضادة للطائرات، بالإضافة إلى قطع غيار لتطوير الدبابات الموجودة منذ حقبة الاتحاد السوفييتي.

وأضاف الموقع أن نجاح الزيارة يعني لروسيا إصلاح العلاقات العسكرية مع مصر والتي كانت قوية حتى عام 1977، بعدها توجه الرئيس الراحل أنور السادات إلى تدفئة العلاقات مع الولايات المتحدة.

وتأتي هذه الزيارة المعلنة بعد أن خرجت تقارير أولوية عن نية مصر إبرام صفقة بقيمة 15 مليار دولار للتسليح من روسيا والتي تشمل طائرات من طراز (ميج 29) ومعدات عسكرية أخرى.

ومن جانبه، صرح وزير الخارجية المصري نبيل فهمي قبل يوم من زيارة نظيره الأمريكي جون كيري للقاهرة، بأن القاهرة تبحث عن شركاء آخرين لتلبية احتياجاتها العسكرية.

كما أكد الموقع الإسرائيلي أن المخاوف الأمريكية تفاقمت مع إعلان السعودية عن نيتها تمويل صفقة التسليح المزمعة بين مصر وموسكو، لاسيما بعد الاستياء السعودي من السياسات الأمريكية المتبعة تجاه ما يحدث في سوريا ومصر وإيران.

وانتهى الموقع قائلا: إن روسيا تبذل قصارى جهدها لتحظى بدور نشط وفعال يمكن من خلاله تأكيد نفسها في منطقة الشرق الأوسط، في ظل التخبط الذي تعانيه الولايات المتحدة.

وكان موقع "ديبكا" الاستخباراتي الإسرائيلي، أوضح في تقرير له منذ عدة أيام أنه ليس مصادفة أن يتم الإعلان عن نية روسيا إرسال حاملة الطائرات الروسية "فاليري" إلى البحر المتوسط، وتحديدًا ميناء الإسكندرية، إضافة إلى عدد من السفن الحربية الروسية، بعد يوم واحد من زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى مصر.

ومن الغريب أن تصريحات "ديبكا" ووضعها للموضوع في هذا السياق يأتيان بعد رفض مصر "المرونة الأمريكية" ورغم تحول الخطاب الأمريكي من معارض إلى مؤيد للحكومة المصرية، وتحديدًا مع إصرار حكومة الببلاوي السير في طريقها نحو اكتساب حليف روسي جديد والبحث عن سبل متعددة لتحقيق احتياجاتها الأمنية والعسكرية بعيدا عن أمريكا.

كما أشار موقع "أمريكيان ثينكر الأمريكي" إلى هذه القاعدة الروسية، مؤكدًا أن التقارير تشير لمحادثات حول قاعدة بحرية روسية متقدمة بمصر.

وذكر "ديبكا" في تقريره أن موسكو قدمت طلبًا بإنشاء قاعدة بحرية في مصر مؤخرا، أثناء زيارة وفد عسكري روسي رفيع المستوى، وهو ما عجّل بزيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إلى القاهرة والرياض، لمحاولة تخفيف تأثير تداعيات الاختلاف حول سياسات واشنطن على علاقاتها بينما أشار لتدفق هائل للسفن الحربية البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط لتنفيذ عدد من المهام.

وأفادت مصادر عسكرية لموقع "ديبكا" بأن الوجود البحري الروسي في المتوسط توسع وارتفع إلى 16 سفينة، منذ الشهر الماضي، ومن بينها الطراد الصاروخي (موسكو) وثلاث من أكبر الطائرات الروسية البرمائية: "شابالين ألكسندر" و"نوفوسيبيرسك" و"مينسك"، كل منها تحمل مفارز كبيرة من مشاة البحرية وطائرة هبوط رابعة "آزوف".

وزعم ديبكا أن السعودية هي مهندس التقارب الروسي المصري بهدف جلب المستشارين العسكريين الروس إلى مصر للمرة الأولى منذ أن طُردوا منها في عام 1972، وربما تتحول موسكو إلى مورد سلاح رئيسي للجيش المصري بدلا من واشنطن.

جدير بالذكر أن العلاقات الروسية المصرية في تصاعد وهبوط منذ ثورة عام 1952، وحاول اللواء محمد نجيب إجراء اتفاق بين البلدين مع الزعيم الروسي جوزيف ستالين ولكن محاولته باءت بالفشل بينما سارت الأمور بشكل جيد أثناء حكم الرئيس عبد الناصر، وتوترت في عهد السادات بعدما كانت تسير بشكل جيد في البداية لتعود مرة أخرى لطبيعتها في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولم تحمل ملامح واضحة خلال عام الرئيس المعزول "مرسي".
الجريدة الرسمية