على خطى مرسى.. يسير الجميع
لم أكن أتوقع أن التعلم في مصر صعب إلى هذه الدرجة، فالجميع أصبح يعشق الخطأ والسير على خطى من فشلوا قبله، حتى تشعر أنه يتمنى أن يلقى نفس مصيرهم، والظاهر في المشهد حاليًا أن المخ المصرى منذ 33 عامًا توقف عند نقطة معينة لا يريد أن يستوعب ما بعدها، وهو ما يتضح جليًا فيمن حكموا مصر خلال الفترة الأخيرة.
في البداية كان التبرير التاريخى لمبارك أنه أخطأ ولم يتعلم من الديكتاتوريين الذين استعبدوا شعوبهم على مدى التاريخ، ومن بعده المشير طنطاوى، ومن بعده أول رئيس شرعى منتخب ومعزول في نفس الوقت محمد مرسي، وأخيرًا الفريق أول عبد الفتاح السيسى، أسف، أقصد المستشار عدلى منصور، جميع هؤلاء يسيرون على في نفس الطريق، نفس الخطوات، ونفس الرؤية، وكأنهم في لجنة امتحان وينقلون الإجابات من بعضهم البعض.
فكلا منهم أصر على حكومته الفاشلة، وبالرغم من زيادة حدة الانتقاد والاحتجاجات ضد هذه الحكومات إلا أنهم تمسكوا بها، بالرغم من فشلها الواضح والمعلن للجميع، إلا أنهم تمسكوا برجالهم المخلصين المنفذين لسياستهم وأوامرهم، والطريف أن هذه الحكومات جميعًا هي التي أسقطت هذه الأنظمة، أو بمعنى آخر، أسقطت رءوسها فقط، فنظيف أسقط مبارك، وعصام شرف ومن بعده الجنزورى جعلوا من المشير طنطاوى العدو الأول للثورة، وهشام قنديل تسبب في عزل مرسي، ومؤخرًا حكومة حازم الببلاوى التي غالبًا ستتسبب في كارثة أخرى بسبب سياستها الأخطبوطية في معالجة المشاكل، التي تتلخص في تبرير أي مصيبة بأن الإخوان هم من تركوها لهم.
وليس أدل على ذلك من تصريحات وزراء الحكومة الحالية، فوزير الزراعة أكد أن الطماطم المسرطنة دخلت مصر في عهد هشام قنديل، وعلى افتراض أنها دخلت مصر في عهد قنديل، فعلى وزير الزراعة أن يخبرنا عن الطريقة التي تستطيع بها حكومة قنديل الاحتفاظ بالطماطم لمدة أربعة أشهر دون أن تفسد، وعليه أيضًا أن يخبرنا كيف لوزير أن يظل في وزارة لمدة أربعة أشهر ولا يعلم ما بداخلها.
أما وزير المالية فقد أكد أنه يفكر في حل الأزمة من خلال جمع تبرعات من نزلاء الفنادق، بواقع دولار عن كل غرفة، وما يتبقى حتى تكتمل المهزلة هو أن يقوم الوزير بوضع اتنين بلطجية على باب أي فندق، ويقوم بتحصيل الكارتة من أي نزيل أو سائح يدخل أو يخرج من الفندق، حتى لو على سبيل الزيارة.
وفى وزارة الداخلية قام الوزير البطل محمد إبراهيم، صاحب فض اعتصامى رابعة والنهضة، بإعادة ضباط أمن الدولة الذين تم انتدابهم لإدارات أخرى، حتى يستعيد الضباط رونقهم وبريستيجهم بالعودة إلى إدارتهم الأم، وعادت الشرطة إلى التعذيب والضرب والسحل، وقريبًا سلخانات في وسط الشوارع، واللى مش عاجبه يروح يعمل محضر، واللى عنده حاجة يعملها، والشرطة في "خدعة" الشعب.
ومازالت الخارجية تلهث وراء دول العالم لتقنعهم بأن ما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا وإنما هو ثورة شعبية، ولا أعرف لماذا تهتم الخارجية بتبرير ما حدث طالما تسير مصر في الطريق الصحيح كما أعلنت من قبل، والأهم من ذلك هو المجهودات الجبارة التي تبذلها الخارجية من أجل "الشحاتة" على الشعب المصرى، حتى وصل الأمر إلى أن بعض دول الخليج قالتها لنا صريحة، "الدعم مش هيستمر كتير"، يعنى بالبلدى كده شوفلكم حد تانى.
وبالطبع لن أتحدث عن نتيجة هذا العك الحكومى، فهى معروفة للجميع.. الثورة مستمرة.