رئيس التحرير
عصام كامل

الباعة المحتلون وبناء مصر الحديثة


الفجوة تزداد يوماً بعد يوم بين قدرات الحكومة ومطالب الشعب بفئاته المختلفة.. فكما للفقراء مطالب للأغنياء أيضا مطالب لا تقل أهمية عن مطالب الفقراء.. فكل ما يهم الطبقة المنعدمة الدخل هو العمل وتوفير المسكن الملائم والمأكل والملبس والعدالة الاجتماعية والتى لا تتوفر إلا إذا كانت هناك مشاريع قومية يشترك فيها رجال الأعمال مع الدولة فى بناء وطن قوى يستوعب كل طاقات أبنائه.


فكيف السبيل إلى هذا وهناك من ينفخ فى نار الفتنة يريد حرق الوطن بما فيه مع عدم الاستقرار الأمنى الذى سببته تلك الفئة التى تسعى لاستعادة سلطانها بأى وسيلة ممكنة.

فمثلا الباعة الجائلون الذين احتلوا معظم شوارع مصر هم فى تزايد مستمر واعتبروا وضعهم الحالى أمرا واقعا لا يمكن تغييره.. فهى سرقة يعانى منها الشعب ويباركها رغماً عن أنفه فى نفس الوقت.

وجود هؤلاء الباعة المحتلين وليس الجائلين هذا لأنهم مقيمون بصفة دائمة فى مكانهم ولا يجولون بحثاً عن بيع بضائعهم.. فالزبائن هم الذين يجولون إليهم باحثين عن استرضائهم فى شراء ما يريدونه بسعر مناسب .

ومن الباعة المحتلين من استغل الغياب الأمنى وشيد مكان بيع بضاعته محلا مبنيا بالطوب الأحمر.. ولا يهم هنا الترخيص من عدمه فمن يسأل ومن يجيب؟!

وأضف إلى هذا أصوات مكبرات الصوت المؤلمة والأغانى الهابطة المنبعثة منها ولا أحد يسأل عن حق السكان فى العيش بهدوء فى منازلهم وحق المشاة والسيارات فى السير فى الشوارع بلا عوائق.. ولا أحد يسأل من بيده حل هذه المشكلة التى تعيق سير المرور.. فرجال الشرطة تحية لهم يفعلون أقصى وسعهم فى القضاء على السير العكسى ووقوف السيارات صف ثان وثالث.. ولكن هذا لأن العربات مرخصة ولا تسير إلا وفق ترخيص يصدر من إدارة المرور ولكن مخالفات الباعة المحتلين كيف تغرم؟! 

فنحن ننادى بالعدالة الاجتماعية فأين إذاً العدالة فى المخالفات فالسيارات تغرم فى الطريق ومن يقطع الطريق يترك فى حال سبيله يعبث كما يشاء فى كل شىء حتى راحتنا وأمننا!

وأصحاب المحلات والأكشاك المخالفة والمرخصة أيضاً لا يكتفون بالمساحة المخصصة للكشك أو المحل بل يفترشون بضائعم أمام محلاتهم بمساحة تعادل نصف الطريق.. وكأن هذا حق مكتسب لهم قد اكتسبوه من تجاهل الناس لحقهم فى الطريق الذى سُرِقَ منهم .

وأصحاب الورش فى المناطق الشعبية مع العلم أن القانون لا يسمح بإقامة ورش فى مناطق سكنية ولكن الوضع الحالى عكس هذا تماماً فما دمت من سكان هذه المناطق فكل شىء مباح.. فيمكن أن تتحول المنطقة بالكامل إلى منطقة صناعية وعلى السكان إما الرحيل إن استطاعوا مادياً أو السكوت جبراً وعليهم التعود.

الحل فى أن نتفق جميعاً على أن القانون يجب أن يحمى الإنسان من كل من يكون سببا فى مرضه وإزعاجه حتى يصبح شخصا له القدرة على العطاء للوطن.

ولذلك يأتى دور تفعيل القانون ولن يستطيع أحد مهما كان أن يطبق القانون فى هذه المناطق العشوائية إلا الجيش المصرى مع تخصيص أسواق للباعة الجائلين وتحديد مواعيد لفتح وغلق المحلات التجارية.

وكذلك ترخيص كل محل أو كشك أو بائع جائل وتجدد الرخصة سنوياً بمخالفات تماماً مثل السيارات ويقوم الجيش والشرطة معاً وبصفة دائمة على ضبط مخالفات السوق.

فيمكن أخذ منطقة كتجربة ثم تعمم التجربة على كل المناطق بالتدريج حتى بناء مصر الحديثة على أسس عالمية.. ولنبدأ البناء من أسفل إلى أعلى.. أى من المناطق الفقيرة إلى المناطق الغنية.. وستتبنى جبهة تنمية وبناء المجتمع كثيرا من الأفكار وسنسعى لتفعيلها بالتنسيق مع الجهات المعنية بذلك.. والله الموفق ولكى الله يامصر.
الجريدة الرسمية