رئيس التحرير
عصام كامل

التحرش أفسد على الأسر حياتهم‏


فى كل مكان دون استثناء أصبح المصريون يعيشون فى حالة يرثى لها عند خروج بناتهم إلى الشارع يرتفع الضغط وتزداد العصبية وتدعو الأهالى ربها لرجوع بناتهم سالمات دون مشكلات تحدث لهن خارج المنزل.


لا أستطيع أن أذكر إحصائيات أرقام التحرش فى مصر.. إذ أن الانتهاكات الأخلاقية الكثيرة لسيداتنا وبناتنا لا تذكر بالمقارنة بما يتم الإبلاغ عنه فى الواقع.. فالكل يفضل التكتم حفاظا على شرف العائلات وعدم الخوض كثيرا فى ذلك فقد تقبلت الأهالى غالبية ما يحدث على اعتبار أن ذلك شيء عادي وأنه طالما رجعت بناتهم بخير فالحمد لله.. إلا أن الأثر النفسى والحمل الكبير على البنت وعلى الأسرة أقوى وأقسى كثيرا ولا يمكن وصفه.

تشوهت شخصيات بناتنا من الخوف إلى الدرجة التى وصلت إلى الخوف من أى شىء وكل شىء.. حتى لم يعد الخروج من البيت أملا تسعد به بناتك إنما تفضيل العزلة عن الناس هو الأفضل لهن وهو المكافأة التى يريدنها حتى لا تتعدد الصدمات من الشارع بالألفاظ والحركات وبعد الثورة وصل إلى مراحل دنيا جعل من مصر المركز الثانى على العالم فى التحرش .

فلا تسلم بناتنا منهم إن كانت قائدة لسيارتها.. ولا تسلم إن كانت مستقلة للمواصلات.. ولن تسلم أيضا إن كانت مترجلة فى الشارع أو حتى واقفة فى شرفة منزلها.. فنظرات الكثيرين حولها تحاصرها وتجبرها على التخفى سريعا حتى لا يضايقها أحد.. ونظرا لأنها لا تريد إحداث مشكلات.. عليها بالصمت.

لا أنسى حادثتين فى حياتى تدخلت لمنع تحرش علنى أمام الناس.. إحداهما فى أحد الأتوبيسات عام 1992 والأخرى كانت فى هذا العام فى أحد الشوارع.. ولأن القوى كانت غير متكافئة كان النصر للأسف للمعتدين بعد أن تحررت الفريسة من مخالبهم.. ولا أقدر أن أصف حال الركاب فى الحالة الأولى أو المارة فى الحالة الثانية.. ففى هذه المواقف ينظرون بعين الاستحياء ولسان حالهم يقول وأنا مالى!

ومع ذلك.. فإن هذا لن يثنينى أبدا عن الدفاع عن كرامة بناتنا مرة أخرى بل ويزيدنى إصرارا على الدفاع عنهن إذا تكررت أمامى مرة أخرى.

لن نطلب الآن من الدولة أن تمنع متحرشا .. جميعنا سنحمى بناتنا من التحرش وبالقوة إذا لزم الأمر دون تراجع أو خوف .. إن الأمانة تقتضى وتفرض على كل الرجال أن يدافعوا عن الكرامة ضد كل من ارتدى زى إنسان.. وهو فى الواقع ليس إلا كائن ضال تحركه الغرائز وضيق على بناتنا حياتهن ويفسد لهن مستقبلهن.. إنه فى الحقيقة يفسد علينا جميعا حياتنا .
الجريدة الرسمية