عن ازدواجية المعايير
منذ سقوط حكم الإخوان، ورحيل محمد مرسي، والمسرح السياسي يعج بمشاهد عديدة تعبر عن ازدواجية المعايير، التي تجلت بصورة واضحة في مواقف الجميع، ابتداءً من النخب مرورا بالإعلام، وانتهاءً بالشعب.
فمنذ 3 يوليو وحتى اليوم، ونحن نرى سياسات ومواقف يتبناها ويدافع عنها نفس من كانوا يعارضونها في ظل حكم الإخوان، فمن انتقد بالأمس تمجيد وتعظيم أنصار الإخوان لمرسي ونظامه، وتبريرهم لفشلهم على مدى عام كامل باسم الدفاع عن الدين، نراه اليوم يعمل ويجتهد بكل الطرق والوسائل من أجل خلق فرعون جديد، وتبرير أي أخطاء له، باسم مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومى.
أعلم جيدا أن هناك إرهابا يهدد أمن الدولة، ورأينا صورا عديدة له خلال الفترة الماضية، لكنى أعلم أيضا أن هناك توظيفا سيئا لهذه القضية، ضد كل من قرر أن يتسق مع مبادئه، ويرفض السكوت الآن على ما انتقده وعارضه في ظل حكم الإخوان، فاليوم يتحول وبقدرة قادر كل من يبدى اعتراضه على أي قرار أو موقف يتخذه النظام الحالى، إما إلى إخوانى يساند الإرهاب ويدافع عنه، على الرغم من أنه أول من نزل ضد حكم الإخوان وعارضه بقوة، أو إلى طابور خامس يعمل لصالح الخارج.
والحقيقة أن هؤلاء الذين عارضوا نظام الإخوان وأسقطوه، ويعارضون الآن بعض السياسات الخاطئة للنظام الحالى، ما هم إلا مواطنون قرروا الاتساق مع مبادئهم، وعدم منافقة أي نظام، حتى لو كان ساعدهم في معركتهم ضد نظام آخر.
فرفض هؤلاء من قبل لمشهد سحل وتعذيب المواطن حمادة صابر، أمام قصر الاتحادية، جعلهم اليوم يرفضون مشهد قتل الطالب بلال جابر، لأنه سواء كان حمادة صابر حاول اقتحام قصر الاتحادية، أو كان بلال جابر حاول الاعتداء على سيارة الترحيلات، فهناك قانون يعاقب على الجريمتين.
كما أن مطالبة هؤلاء من قبل بعزل ومحاكمة محمد إبراهيم، وزير داخلية مرسي، على تسببه في سقوط العديد من الضحايا في ظل حكم الإخوان، جعلتهم اليوم يصرون على تنفيذ نفس المطلب، ليس فقط لأن هناك ضحايا جدد سقطوا، بل وفاءً لدماء محمد الجندى وكريستي وغيرهما من الشهداء، الذين كانوا أحد أهم أسباب تحرر الشعب من حكم الإخوان.
وأخيرا، فإن معارضة هؤلاء من قبل لإرهاب الإعلاميين وقمع الحريات من خلال محاصرة أتباع أبو إسماعيل لمدينة الإنتاج الإعلامي، جعلتهم يرفضون ما يحدث اليوم من محاصرة من يطلقون على أنفسهم محبي السيسي لاستوديو تصوير برنامج باسم يوسف، ويعارضون قرار منعه من الظهور.
nour_rashwan@hotmail.com