رئيس التحرير
عصام كامل

ابتسامة في مترو الأنفاق

فيتو

الساعة تقترب من الثانية ظهرا، موعد انصراف الموظفين.. الشوارع مزدحمة كعادتها.. كان يسارع الخطوات ليلحق بمترو الأنفاق، الذي كانت صافرته تعلن عن اقتراب إغلاق أبوابه استعدادا للانطلاق..


لم ينتظر السلم الكهربائي.. وراح يقفز درجاته حتى حشر نفسه بين دفتي الباب الإلكتروني، كاد الباب أن يمسك به، لولا أنه قام بحركة أشبه بمهارة البهلوانات ولاعبي السيرك.. ووقف خلف الباب يلتقط أنفاسه، ويكافئ نفسه على نجاحه في اللحاق بالقطار..

ثوانٍ معدودة واستدار برأسه فوجد فتاة جميلة تجلس على المقعد الملاصق للباب تنظر إليه ثم تدس عينيها في الكتاب الذي تحتضنه بيديها..

ظن أن الأمر مجرد صدفة.. ولكنه أعاد الكرّة ثانية فوجدها تنظر إليه مرة أخرى.. تلاقت أعينهما معا، وحدث بينهما اشتباك "لحظي" .. لم يستمر سوى جزء من الثانية..

كانت نظرة عينيها تحمل ابتسامة كأنها تريد أن تقول شيئا.. فظل يراقبها دون أن تشعر.. وفي كل مرة يلتفت إليها يجدها تنظر إليه.. ثم إذا التقت عيناهما تهرب بالنظر إلى الكتاب، متظاهرة بالقراءة فيه.

تأمل نفسه جيدا.. وتأكد أن ملابسه مهندمة، وألوانها متناسقة.. وأن الحذاء الذي ينتعله مازال يلمع من آثار جرعة "الورنيش" التي حصل عليها من أمام محطة المترو.. فما سبب نظرات هذه الفتاة إذن؟.. هل تكون معجبة به؟.. هكذا قال لنفسه..

مرت بضع دقائق.. وقبل أن يصل القطار إلى المحطة تكرر تصرف الفتاة.. فقرر أن يضع حدا للسؤال الذي سأله لنفسه.. انحنى بجسده عليها، وقال لها بصوت خفيض: "ممكن أسألك سؤال".. "اتفضل".. "انتي بتؤمني بالحب من أول نظرة؟!".. فأجابت بدون تفكير: "ولا من تاني مرة وحياتك!".

أعاد سؤالها مرة أخرى: "أومال إيه سبب نظرتك وابتسامتك ليا من أول ما ركبت المترو؟!.. فقالت: "عشان دي عربية السيدات.. وشكلك صعبان عليا وانت هتدفع الغرامة!"
الجريدة الرسمية