رئيس التحرير
عصام كامل

الوصايا العشر فى حكم مصر


جلس الحكيم الفرعوني العجوز ينقل خبرات السنين، وما تراكم في عقله من فلسفة صنعتها الأيام إلى الحاكم الجديد، ناصحا أمينا، مقدما وصاياه العشر في فنون حكم مصر، قال الحكيم، أوصيك يا مولاي بما هو آت:


*لا تكن لينا فيطمع فيك الكهنة والقواد، وتستخف بك السوقة والدهماء، فيصبح حكمك في مهب الريح، تتلاعب به الأهواء، ولا ينجو من الكوارث، فتجد نفسك تورد البلاد - من حيث لا تحتسب- موارد التهلكة، فتندم حين لا تنفع إلا القبضة الفولاذية، التي تحمي الوطن من الشرور والنوائب.

* كن طيبا في الباطن، تحنوا على الشعب، والسواد الأعظم من الفقراء والمعوزين، فلا ترهق الناس بالضرائب والمكوس، وهم بالكاد يتدبرون قوت يومهم، ويجهدون في إطعام عيالهم، هنا يغفرون لك القسوة الظاهرة، ويتفهمون منك الخشونة في الخطاب، ويقبلون بالقرارات التي يكون ظاهرها ضد الفرد متى أفادت الجماعة.

* النهر.. النهر، إياك أن تفرط يوما في نقطة من مياهه، أو أن تترك سريانه من دون ضبط وترتيب، حتي يكون جريانه من منبعه إلى مصبه في خدمة الأرض، جالبا الخير والحب، وحفاظا على استمرار تدفقه مد يد العون لشركائك في واهب الحياة، وهبة المصريين، فلا تبتعد عن أفراحهم وأتراحهم وكن رفيقا حاضرا معهم في كل المناسبات.

* لا تكن ألعوبة في يد الزوجة المحبوبة، أو الأبناء الساعين إلى خطف الصولجان، والقفز على عجلة قيادة الأوطان، دون دراية بفنون الحرب والسياسة، فتذهب البلاد إلى جحيم الانقسامات، وتمسي ثمرة دانية لكل عابر سبيل من الأمم والشعوب المتربصة بدرة الشرق، وتاج العالم.

* كن حاكما لشعبك كافة، ولا تتلحف بالأهل والعشيرة، ممن يسعون إلى مص دم الأوطان، والدوس على رقاب الناس من الأغيار، واعلم أنه سيهلك أحد خلفائك في قادم الأيام، بفعل انتصاره للجماعة خضوعا لمبدأ السمع والطاعة.

* حذاري من جوقة النفاق، وبهلوانات الرقص على كل الحبال، والباحثين عن فتات الموائد في كل زمان ومكان، فمثل هؤلاء شرهم أقوى من نار سقر، وألسنتهم الطويلة يمكن أن تقلب عليك الأفئدة، بقدر قدرتها على إلهاء الشعوب بما هو تافه من الاهتمامات.

* إعلم أن كهنة المعبد، والمشعوذين، لن يتركوك في حالك، فاستعد لهم باليقظة والحيطة، ولا تتوان عن تعرية وفضح ألاعيبهم، وكشف بوار بضاعتهم، وخطابات الترهيب والترغيب التي يبثون بها الخوف والرعب في نفوس بعض الحمقى والمرتعشين من القواد، وساكني القصور والبسطاء من الناس.

* اجتهد في منح الحرية، وتوفير الأقوات، وشق الطرق والقنوات، وتمهيد الطرقات، حتي تنحاز الرعية إلى أفعالك، ولا تكف عن التسبيح بخصالك، والسير في مواكب بهجتك، بصدق النوايا، والدعاء بمد الإله في عمرك وطول عهدك وبقاء حكمك.

* لأن بلادك مطمح، كن يقظا على الدوام، وأعد جيوشك لقهر أعدائك، وقف بالمرصاد لكل من ينتوي الإغارة على ترابك، فالقوة تجلب المنافع، بمقدار دفع المضار.

* خذ من كل بلد نصيرا، ولا تأخذ من كل أمة عدوا، ولو كان واحدا، فالسعي للسلام خير ضمانة لحماية الأوطان، فأفش السلام، ولا تكن مفجرا للحروب، داعية للخراب والدمار.

ولما بلغ الحكيم وصيته العاشرة، كان الحاكم الجديد يستعد للجلوس فوق كرسي عرشه، متسلحا بحكمة الآباء والأجداد، التي ورثها الحكيم كابرا عن مكابر.
الجريدة الرسمية