مجلات "المتشردين" تحتفل بمرور عشرين عاما على ظهورها
قبل 20 عاما ظهرت أول المجلات التي تساعد الذين بلا مأوى في ألمانيا، لمساعدة أنفسهم ببيع هذه المجلات، ورغم أن مبيعات هذه المجلات تشهد اليوم رواجا أفضل من أي وقت مضى إلا أن هذا النموذج يتعرض الآن إلى ضغوط من جميع الأطراف.
تراجع المبيعات وتقليص عدد الوظائف إلى حد أدنى مشاكل يعاني منها قطاع طباعة المجلات والصحف بشكل كبير في ألمانيا، لكن مجلتي "بِس" في مدينة ميونيخ و"هِنتس وكونتس" في مدينة هامبورغ تشهدان ازدهارا ملحوظا، كلاهما يحتفل هذا العام بالذكرى السنوية العشرين لإنشائهما ويعلنان عن الإقبال الكبير الذي تعرفه المجلتان وعن توفير المزيد من فرص العمل.
أما المعنيون بالأمر فلا يريدون المبالغة في فرحتهم بهذه المعطيات، وتقول غابرييله كوخ مديرة تسويق مجلة "هِنتس وكونتس" وعضو في مجلس إدارة الرابطة الدولية لمجلات الأشخاص دون مأوى: "الاحتفال بهذه الذكرى مصحوب بعواطف أخرى لذلك فإنه احتفال حزين لأننا لازلنا نصدر هذه المجلة حتى الآن".
لأن المجلتين هما اثنان من بين 30 مجلة تصدر في ألمانيا خصيصا لمساعدة الأشخاص دون مأوى وأشخاص في حالات اجتماعية صعبة لكسب بعض المال عن طريق بيع هذه المجلات وتحقيق قفزة بذلك إلى حياة اجتماعية منظمة وأفضل.
قصة السيد تسيمرمان:
هيلدجارد دينينجار مديرة مجلة "بِس" من ميونيخ تفضل أن تتحدث عن النجاحات التي حققتها مجلة "بِس" للمتشردين منذ إنشائها قبل 20 عاما عوض التطرق إلى الإحباطات: "تمكنا على سبيل المثال من توفير مسكن للسيد تسيمرمان الذي عاش لوقت طويل دون مأوى، والآن يستأجر شقة ويعمل كمرشد سياحي وبائع يعمل عند مجلة "بِس" بشكل دائم لأكثر من عشر سنوات".
حياة تسيمرمان تغيرت تماما وهو يعيش الآن بدون ديون وتضيف هيلدغارد دينينغار قائلة: "لقد لاحظنا أن مثل هذا التغيير لا يمكن تحقيقه إلا بتوفير وظائف دائمة".
من بين نحو 100 بائع عند مجلة "بِس" هناك الآن 41 بائعا يعملون بعقود دائمة، وبالتالي يجب عليهم بيع حد أدنى من المجلات، أما الباعة الآخرون فهم الذين يحددون عدد النسخ التي يريدون بيعها والمبلغ المالي الذي يريدون كسبه يوميا، فهم يحصلون على نصف قيمة المجلة التي يبلغ سعرها 2 يورو فاصلة عشرين سنتا، مجلة "هِنتس وكونتس" في مدينة هامبورغ تمكنت هي الأخرى من توفير وظائف دائمة وبعض الباعة السابقين يعملون الآن في مكتب المجلة، أما فيما يخص النصوص في المجلات فهم لا يقررون محتوياتها.
تحرير نصوص المجلة من اختصاص صحفيين مهنيين:
تُخصص مجلة "بِس" في ميونيخ صفحتين لموظفيها الذين كانوا يعملون سابقا كبائعي للمجلة في الشوارع، وتقول مديرة المجلة هيلدجارد دينينجار: "قال طبيب نفسي ذات مرة، ورشة الكتابة تستبدل عند بعض من لا مأوى لهم المُعالج النفسي، لأنهم يكتبون عن أشياء نابعة من الروح".
وأعطت المجلة اسم "ورشة الكتابة" لعامود خاص بنصوص الذين دون مأوى ليعبروا عن آرائهم ولكي تسمع كلمتهم، أما محتويات النصوص الأخرى في مجلة "بِس" فيقوم صحفيون بتحريرها، ومع بداية عام 1990 وعندما تأسست مجلات "بلا مأوى" على نمط المجلة اللندنية "بيغ إيسي" في العديد من المدن الألمانية كان الوضع مختلفا، على حد قول رونالد لوتس أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة إيرفورت.
في ذلك الوقت كان "المتشردون يحررون النصوص تحت إشراف أخصائيين اجتماعيين أو متطوعين، ومع مرور الوقت انتقل العمل التحريري إلى أيدي صحفيين محترفين، "السبب في هذا التحول هو شدة حدة المنافسة في السوق وضرورة القدرة على الاستمرار في السوق فقط للعمل المهني"، كما يقول رونالد لوتس.
الضغط المتزايد للصحافة الرقمية:
تحديات جديدة تواجهها نحو 130 صحيفة للمتشردين في العالم لمواكبة تطور وسائل الإعلام وخاصة من الإنترنيت وضغوط الإعلام الرقمي، الحفاظ على مبدأ البيع الشخصي للمجلة في الشوارع وعرضها رقميا على الإنترنيت مسألة يناقشها أعضاء الرابطة الدولية لمجلات الأشخاص دون مأوى بحدة، ففي بعض البلدان يتم تجريب نموذج يقوم فيه باعة الشوارع بعرض المجلة على شكل تطبيقات للهواتف الذكية كما ذكرت جابرييله كوخ مديرة تسويق مجلة "هِنتس وكونتس".
وتضيف كذلك: "نحن لا نريد حقا أن نستغني على بيع النسخ المطبوعة في الشوارع ونريد أن يعرض باعة الشوارع منتجا جذابا للغاية".
لكن باعة الصحف في الشوارع يواجهون عوائق أخرى، حيث أن مراكز التسوق الكبيرة، على سبيل المثال في مدينة ميونيخ، ترفض السماح لباعة المجلات في الشوارع بعرض هذه المجلات في الممرات الخاصة بهذه المراكز التسوقية.
وهذا أمر تنتقده هيلدجارد دينينجار مديرة مجلة "بِس" وتقول: "لقد حاولنا منذ سنوات ولازلنا نحاول ذلك مرارا وتكرارا ولكن محاولاتنا تصاب بالإحباط".
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل