رئيس التحرير
عصام كامل

حافظوا على قلب مصر.. تحيا أطرافها بكرامة


تتكون مصر، كأى دولة، من قلب وأطراف، فأما "القلب"، فيمثل مفاصل الدولة أو هيكلها العظمى الذى تقف عليه، وهو فى مصر، مكون من الجيش والشرطة والقضاء والخارجية والأزهر.. وأما "الأطراف"، فتتكون من الوزارات الخدمية، ومنا نحن المواطنين، بكل ما نُمثله من أهمية ومعنى لاكتمال تعريف الدولة، وما يشمله هذا من حقوق وواجبات، لنا أو علينا، وما نقوم به فى الدولة من أنشطة إنسانية مختلفة.


ولقد استُهدف القلب منذ بدايات الأحداث فى 25 يناير 2011، بشكل واضح وصريح، فكانت البداية مع "الشرطة"، حيث تم القضاء عليها بعملٍ "مُنظم"، مخطط له ومدروس جيداً جداً، (ولا تدع أحداً يخدعك فيقول لك، إن أحداث 28 يناير وما قبلها من حرق للأقسام أو ما بعدها، كانت عشوائية!! فلقد كان مُخططاً لها بدقة وعناية، قبل ذلك بمدة كبيرة، ولكن ربما لم يحن وقت الكشف عن الكثير من الخبايا الخاصة بها، والتى يظهر منها الكثير اليوم، ولو أن الإنسان قرأ التاريخ القريب الخاص بالشرق الأوسط وتعامله مع العالم المُتقدم، على الأقل منذ العام 2001، لأدرك الكثير من الخلفيات المهمة فى هذا الصدد!!).
 
ثم وعلى مدى الوقت المُمتد من استفتاء مارس 2011 وحتى تسليم السلطة "لثانى" رئيس مصرى منتخب (أو يُفترض انتماؤه لمصر)، كان يتم استهداف الجيش من قبل الثوار بشعار "سقوط حكم المجلس الأعلى للقوات المُسلحة"، ولقد كان هذا الفعل يتم بتحريك من قبل يد الإخوان الخفية من الخلف، وكانوا مُمثلين فى الميدان ببعض الحركات التى تدعى مدنياتها، وهى ليست كذلك، وبالطبع يعرف أى شخص مُطلع، أن قيادة الجيش فى أى مكان فى العالم، جزء منه، لا تنفصل عنه، وقد حدث هذا الفعل، رغم القبول بحكم المجلس العسكرى، على سبيل "العقد الاجتماعى" بين المواطنين والجيش، يوم 11 فبراير 2011، ولو كان لأحد أن يعترض، لاعترض يومها، ولكن ذلك لم يحدث!!.

ثم كان الموعد مع القضاء، ووقف ضده الإخوان وأتباعهم، وكان بعض الثوار معهم حتى أدركوا معنى مُصطلح "القانون"، الذى افتقدوا إدراك فحواه فى البدايات أو أنهم لم يكونوا يفهمون المعنى من الأصل، فاستُغل جهلهم به، إلا أن القاعدة القانونية التى تؤكد بأن "القانون لا يحمى المُغفلين"، لا تعتد بجهلهم، وعليهم التزام "الأسس المدنية" دوماً، التى تؤكد على عدم الإفتاء فيما لا يعرفون وهو ما يُعرف "بالتخصص"!!.
 
ومن وقتٍ لآخر يواجه الإخوان مؤسسة الأزهر الشريف، وتصدر تصريحات لهم من هنا أو هناك، بأنهم سيُعينون شيخاً جديداً للأزهر من قبلهم، وكانوا قد تكلموا مرات حول تعيين يوسف القرضاوى شيخاً له، ومرات أُخرى صرحوا بنيتهم تعيين عبد الرحمن البر، وهو عضو مكتب إرشاد لدى الجماعة ويُقال أنه مُفتيها.

لقد كانت المسألة منظمة وظهرت فيها رائحة "أجنبية" واضحة، شرقية كانت أو غربية، وقد فضحت البعض ممن يوصفون بأنهم نشطون أو قادة أو زُعماء لأحداث 25 يناير 2011، تصريحاتهم فى هذا الصدد، كمن طالب بإعادة تشكيل "عقيدة الجيش المصرى"، وهو الأمر الذى كانت الولايات المتحدة قد طالبت مصر به، قُبيل 25 يناير 2011، ورفضه الرئيس السابق والمشير، فى دفاع يُحسب لهما، عن المصلحة الوطنية المصرية، التى لا نقبل بأى حال من الأحوال مسها أو المُساومة عليها مع أى من كان، لأن "الوطن، ليس وجهة نظر"!!.

وعلى الجانب الآخر، وقف الأقل عدداً من المواطنين العاديين غير المُسيسيين، رغم تمثيلهم للأغلبية القصوى من المواطنين ممن يعرفون "بالأغلبية الصامتة"، فى دفاع عن قلب مصر بأمانة وإخلاص، واستشعار بأن المشهد المُهاجم لهذا القلب، ليس حقيقيا كما هو ظاهر على الساحة الإعلامية.

لقد كان من يُهاجمون القلب، يدافعون عن بعض الأطراف من هنا أو هناك دفاعاً مُستميتاً، وكانت تلك الأطراف بالنسبة لهم أشد أهمية من القلب بكثير، (ومن المعروف، أن هناك قضايا مثل حقوق الإنسان، يُمكن استغلالها بطُرق مستوردة، لا تُعبر عن المُجتمعات التى تُستهدف بها، للتأثير على ثقافات تلك المجتمعات واختراقها، لصالح قوى خارجية).

وكان من يدافع عن القلب، يفعل ذلك باستماتة، ويُدافع عن الأطراف، قدر ما يستطيع ولكن تبقى معركته الأساسية دوماً، هى الدفاع عن القلب ومُساندته، لاعتقاده "الفطرى" (الصحيح) بأن القلب إن كان قوياً تسلم الأطراف!!،
فالقلب، لو أنه قوى، تقوى الأطراف معه فى المستقبل وتبنى بشكل يصنع دولة عصرية بحق، ولكن لو أن القلب ضعيف أو، لقدر الله، سقط، تسقط معه كل الأطراف، ولذا، فإن الهدف دوماً كان ولا يزال، هو الوقوف إلى جانب هذا القلب، لأنه جوهر وعماد الدولة "المدنية" المصرية ولب التاريخ المصرى وحضارة مصر على مر القرون والأجيال!!.

لن تسقط مصر طالما المصريون يقفون إلى جانب "القلب المصرى"، يؤيدونه بمشاعر حبهم لبلادهم والوسطية والاعتدال فيها على مر الدهر.

لن تسقط مصر، بعدما عبرت الأكثرية القصوى من المصريين عن مُساندتها للقلب، وأدرك الكثيرون ممن كانوا يهاجمونه، أنهم مُخطئون، أما من تبقى من مهاجمى القلب، فهم "خونة" بلا أدنى شك، وهم قلة ضئيلة، كُشفوا ويكشفون أنفسهم بأنفسهم أكثر، مع مرور كل يوم جديد!!.

فلتحيا مصر دوماً بقلبها القوى
والله أكبر والعزة لبلادى
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.

الجريدة الرسمية