مرسى يخسـر الـرهـان !
"من لا يجيد اللعب لا يمكن أن يربح أبدا".. هذا هو الحال بالنسبة للرئيس محمد مرسى، الذى يبدو وكأنه لا يجيد اللعب فقط، ولكن لا يجيد التفكير أيضا، ولا يمكنه تقدير المواقف السياسية، متى يتكلم، ومتى يصمت، متى يسافر إلى الخارج، ومتى يبقى فى الداخل لمتابعة الأزمة.
فالرئيس الإخوانى منذ توليه رئاسة أعرق دولة فى العالم، وهو يراهن دائما على الحصان الخاسر.. والحصان هنا المقصود به الاعتماد على جماعة الإخوان المسلمين فقط، فهو لا يرى إلا ما ترى الجماعة، ولا يسمع إلا ما تسمعه الجماعة، ولا يتكلم إلا بما تريد الجماعة، وكأنه اختزل الدولة فى جماعته ومكتب إرشادها.. وكل يوم يمر من حكمه للبلاد يخسر فيه بعضا من أنصاره الذين أعطوه أصواتهم فى الانتخابات الرئاسية، بسبب كذبه البواح، وسياسته غير الرشيدة، وقراراته غير الحكيمة، وتصرفاته التى تفتقر لأدنى درجات المنطق والعقلانية.
فـ"مرسى" عقب توليه المسئولية كان أول مَنْ انقلب على الشرعية، وألغى الإعلان الدستورى، الذى انتخب على أساسه، ووفق بنوده، ووافق عليه الشعب فى 19 مارس 2011، ثم أصدر إعلانا دستوريا محصنا ما أنزل الله به من سلطان، إعلانا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
"مرسى" تنصل من كل وعوده التى قطعها على نفسه أمام الشعب.. إذ وعد بأن يكون رئيسا لكل المصريين، ولكن الأيام أثبتت أنه رئيس لجماعته فقط، وعد بأن يعيد تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وبعد فوزه لحس هذا الوعد، وعد بأنه لن يتم إقرار الدستور إلا بالتوافق الوطنى، ولكن تم إقرار الدستور "اللقيط" بعد انسحاب القوى المدنية ومؤسسة الأزهر، وممثلى الكنائس.
"مرسى" وعد بأن يكون له ثلاثة نواب من بينهم امرأة، وبعد نجاحه، نسى ما قاله بعضمة لسانه، بل من العجيب أن الدستور الذى أقره ووافق عليه، لم يتضمن مادة توحد الله، تلزمه باختيار نائب واحد وليس ثلاثة.
"مرسى" الذى استنكر مرارا وتكرارا، قبل وصوله إلى قصر الرئاسة، تعيين وعزل النائب العام من قبل رئيس الدولة، عاد وعزل النائب العام عبد المجيد محمود، وعين بدلا منه نائبا خاصا يضعه تحت جناحه، ويوجهه حيثما أراد، أو حيثما تريد جماعته.
الرئيس التّقى النقى الورع الذى قال بملء فمه" إنه لن يغمض له جفن ولن يهدأ له بال، ولن يرتاح له ضمير وهو يرى أحد المصريين مظلوما أو جائعا دون أن يرد له مظلمته، أو يوفر له ما يسد به جوعه، هاهو ينام و"يشخر" وهو يرى ويسمع عن مئات القتلى والجرحى، وملايين المظلومين والجوعى، دون أن يحرك ذلك المشهد ساكنا فيه.
"مرسى" الذى ملأ الدنيا صخبا وضجيجا، وملأ الفضاء الإعلامى بتصريحات رنانة عن تنازله عن الرئاسة، ونزوله على إرادة الجماهير إذا خرجت إلى الشوارع تهتف ضده، هو نفسه "مرسى" الذى غض الطرف عما حدث أمام الاتحادية على يد جماعته وأنصاره، وهو نفس الشخص الذى ترك مصر "تضرب تقلب"، واكتفى بتغريدة يتيمة على "تويتر" يدين فيها العنف، ثم ذهب إلى سريره لينعم بنوم هادئ..!.
"مرسى" لم يتعلم الدرس من غباء "مبارك"، ولم يتعظ بما حدث أيام الثورة فى 2011، فيخسر كل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية ما كان يمكن أن يكسبه بسهولة بقليل من العقل والحكمة إن كان حقا يمتلكهما!.