رئيس التحرير
عصام كامل

بائعات مترو الأنفاق.. ياما على الرصيف حكايات.. سمر: إحنا مش حرامية ولا نصابين.. شهيرة: أنا موظفة حكومية ومش لاقيه آكل.. هبة: شرطة المترو بتاخد شقانا وبتطاردنا زي الحرامية

مترو الأنفاق
مترو الأنفاق

يبدأن يومهن في الصباح الباكر، مع أول مترو ينطلق، حاملات عددا من الشنط الكبيرة التي تحوي العديد من المنتجات النسائية، يدخلن بتذكرة المترو، لكن لا يخرجن إلا في نهاية اليوم.. هن بائعات مترو الأنفاق اللاتي يتجولن في عربات السيدات عارضات بضائعهن بأرخص الأسعار.


اللافت للنظر هو أن هؤلاء البائعات يحملن لمحة من الأناقة التي تعكس أنهن لسن من بائعات الشوارع المتسولات، وهذا ما دفع "فيتو" لتسألهن عن حكايتهن.

فاجئتني "سمر" التي تحمل في يدها شنطة كبيرة تحتوي الكثير من أدوات المكياج، وتبيعها بأرخص الأسعار بقولها: أنا خريجة ليسانس آداب قسم لغات شرقية، وهو القسم الذي اكتشفت بعد دراسته أنه لا يوفر أي عمل بعد التخرج، فعملت بمحل لبيع اكسسوارات البنات والمكياج، ولأن الأحوال بعد الثورة أصبحت سيئة للغاية، فكر صاحب المحل في بيع المنتجات في المترو، لنذهب لأكبر تجمع نسائي يومي، ولأن الشغل "مش عيب" وافقت، وبالفعل والحمد لله أحقق مكسبا لا بأس به.

وتكمل سمر، والأسى قد ارتسم على وجهها: لكن أعاني الأمرين من متسولي المترو الذي يحاولون فرض الإتاوات على كل البائعات، إلى جانب شرطة المترو التي تطاردنا كالمجرمين والحرامية، على الرغم من أننا مكافحات نجري وراء لقمة العيش، فنحن نبيع منتجات تباع في كل المحال، ولا ننصب أو نسرق حتى نطارد بهذا الشكل المهين، فلماذا لا يحاولون تقنين المسألة، من خلال عمل تصريحات نسير بها، ومن لا يحمل التصريح هو الذي يستحق المطاردة والحبس.

وتتحدث شهيرة -التي ترتدي النقاب- بانفعال، وتقول: أنا موظفة في إحدى الجهات الحكومية، وزوجي كان موظفا أيضا، وتوفي تاركا لي أربعة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، ومعاش زوجي مع مرتبي لا يكفي تعليم وأكل وملابس ودروس، لذلك لجأت لهذا العمل، فدخلت "جمعية" واشتريت هذه البضائع من إيشاربات وملابس حريمي، وأخرج من عملي الحكومي على عملي الخاص في مترو الأنفاق، وارتديت النقاب حتى لا أصادف أحدا من زملائي في العمل، أو أقاربي، أو أصدقاء أبنائي، وأعود للمنزل آخر النهار لأتابع مذاكرة أبنائي، فلماذا تطاردنا شرطة المترو، وتستولي على بضائعنا وكثيرا ما تأخذ ما معنا من مال، لماذا لا يسمحون لنا بالبيع في عربات المترو طالما لا نؤذي أحدا.


وتحكي هبة قصتها وتقول: "أنا دبلوم تجارة، ومطلقة، وعندي بنتان حاولت العمل في أماكن كثيرة لكن كانت الرواتب زهيدة جدا، لا تعينني على تربية بناتي، خاصة أن والدهم رماهم، وتزوج، ويرفض حتى رؤيتهم، فنصحتني إحدى صديقاتي بفكرة البيع في المترو، وبصراحة قد أقرضتني مبلغا من المال لأشتري به أول بضاعة، وبالفعل اشتريت من الموسكي كمية من اكسسوارات السيدات، وبدأت عملي في المترو".

وتضيف: "أعمل مع انطلاق أول قطار، حتى الساعة السادسة مساء، ثم أذهب للعمل في عيادة مسائية بجوار البيت، ثم أعود لبنتيَّ اللتين أتركهما مع أمي الفقيرة التي أصرف عليها وعلى علاجها أيضا، وأعاني ويلات شرطة المترو التي تهينني وتسمعني اقذر الشتائم، ويأخذون بضاعتي وأموالي أيضا، وكأنني أسرق الراكبات".
الجريدة الرسمية