السيسى ورجاله المخلصون.. وباسم يوسف
أسبوع قد مر حتى الآن على عودة باسم يوسف إلى الشاشة مرة أخرى بعد غياب عدة أشهر، ولكنه ليس كأى أسبوع آخر، فقد كشف هذا الأسبوع الأقنعة عن أشخاص كثيرين كانوا يتشدقون بمصطلحات حرية الرأى والتعبير في عصر مرسي، وبعدما وصلوا إلى مستنقع النخبة الحاكمة، وأصبحوا من الحاشية في عهد السيسى، تبدلت لديهم المفاهيم، وأصبحت حرية الرأى "قلة أدب"، وحرية التعبير "وقاحة"، والإبداع "هدم للدولة"، وأصبح باسم يوسف "إرهابى إخوانى متطرف"، وذلك على الرغم من أن مضمون برنامج باسم لم يتغير، وكذلك مصطلحاته الخادشة للحياء كما هي، ولكن كل ما في الأمر، أن المنظور الشخصى للأمور قد اختلف، فالحاكم الآن ليس مرسي الذي نختلف معه ونكرهه ونتمنى إزاحته من على كرسى السلطة، ولكن الحاكم هو السيسى الذي أصبحنا نتمنى أن يحكمنا إلى آخر العمر.
ساذج من يظن أن ما يحدث في مصر الآن أمر عادى، فالعالم كله أصبح ينظر إلى باسم يوسف كمقياس لمدى الحرية التي أتاحها النظام الحالى للإعلام المصرى وللشعب بصفة عامة، لذلك فباسم ليس مجرد مذيع، هو ترمومتر لا يمكن الاستغناء عنه، ولكن قناة CBC كان لها رأى آخر في الموضوع.
حتى لا يتعقد الموضوع أكثر، فالأمر ببساطة أن باسم حتى لو كان قد استمر في CBC لم يكن لديه القدرة ليهاجم السيسى بضراوة مثلما كان يفعل مع مرسي، فهو في البداية والنهاية إنسان، لن يستطيع أن يهاجم أهم شخص في المؤسسة العسكرية وهو يعلم جيدًا أن من كانوا يقفون معه ويساندونه أيام مرسي هم أول من سيتخلون عنه عندما يسخر من السيسى، لذلك كان باسم قد وضع لنفسه خطوطًا حمراء دون أن يطلب منه أحد، وذلك ليس مجاملة لأحد وإنما حماية لنفسه.
بعدها أتى رجل الأعمال محمد الأمين، الرجل المقرب من النظام، والذي لعب هو وقنواته دورًا هامًا في إسقاط مرسي، ليحاول الفوز بنقطة أخرى لدى النظام على حساب باسم يوسف، فاتخذ قرارًا بعدم إذاعة الحلقة التي سخرت من قنواته، وهى خطوة فردية ولكنها محسوبة على النظام الذي تسربت تقارير تؤكد سخطه من باسم يوسف، وربما الخوف مما سيحدث في الحلقات القادمة التي قد تشهد تماديًا من باسم في السخرية.
أما السيسى فهو ذكى جدًا، لم يصرح بأى شىء وبالطبع لن يصرح، فوزير دفاع الجيش المصرى لن يتحدث عن برنامج ساخر، ولكنه ترك الصحافة والإعلام يعبرون عن الغضب نيابة عنه، فهم سيقولون ما يريد أن يقوله دون أن يصرح هو بشىء، وسيترك رجاله المخلصين يستأجرون بعض الناس ليهاجموا باسم دون أن يطلب منهم ذلك، هم فقط يعرفون أن هذا الشخص يسخر من السيسى وهم سيتصرفون بطريقتهم الخاصة، حتى إن أحد المتظاهرين عندما كان يسجل تقريرا مع أحد المواقع الإخبارية لم يكن يعرف من هو الذي يتظاهر ضده، وبعد زيادة حدة الهجوم يقوم رجل النظام المخلص محمد الأمين بإنهاء الأمر، ويتحمل الهجوم، ولسانه حاله يقول، لقد منعت إذاعة حلقة البرنامج التي يهاجم فيه باسم قنواتى، إذن فالجميع سيتحدث عنى أنا، سأنال الهجوم وحدى، لست غاضبًا فأنا رجل النظام المخلص.
أما باسم فهو بنسبة كبيرة قد يتعاقد مع MBC مصر كما تشير الأخبار الواردة من دبى، وساذج من يظن أن باسم قد نجا بذلك من قبضة النظام الحالى، فالمجموعة السعودية التي قد يتعاقد معها باسم مملوكة للأمير الوليد بن طلال، وبشكل غير رسمى هي القنوات المتحدثة باسم المملكة العربية السعودية، لذلك فإن النظام السعودى الذي يقف بقوة في ظهر النظام الحالى، لن يترك أحدا يهاجمه ويسخر منه، وهو ما يعنى أن الانتقال، إن تم، فهو سيكون بمباركة من النظام المصرى، كذلك فإن باسم لن يكون لديه حرية في "الإفيهات" و"الإيحاءات" كالتى كانت لديه في CBC، لأن القنوات السعودية لديها خطوط حمراء في هذه المنطقة، الأيام القادمة ستوضح أكثر ما هو مصير باسم.