مصر مش وجهة نظر.. ثقافتنا تقود!!
ينظر البعض إلى أمريكا أو الغرب المُنبت للنظريات التي تقودهم، على أنهم يجسدون فكراً، بينما نُجسد نحن التخلف.. والواقع أن كل دولة تُجسد فكراً وثقافة خاصين بها وفقاً لتجربتها ومصالحها، ويجب النظر إليها على أنها دولة، وليست أيقونة.. فأمريكا دولة.. يُجسد فكرها مصالحها.. وبإمكانها أن تضرب بالديمقراطية عرض الحائط عندما تتعارض مع تلك المصالح.
وقد قامت وكالة الاستخبارات الأمريكية بالكثير من العمليات، التي تدخلت فيها بانتخابات الدول لتغيير نتائجها لصالح أهدافها.. مثلما فعلت في أول عملية من هذا النوع بإبريل 1948 بإيطاليا لهزيمة الشيوعيين.. وهو عمل يتنافى كلياً مع الديمقراطية ولكن يتوافق مع المصالح الأمريكية.. وما الحديث عن الديمقراطية بالنسبة لأمريكا إلا نوع من نشر لثقافتها في العالم.. ولكنها على استعداد لضرب الديمقراطية برُمتها عندما تتعارض مع مصالحها!! وهي في ذلك، تلعب وفقاً لقواعد السياسة.. فالمصلحة السياسية تسبق المُثُل العليا.. وهي اللعبة التي تُمارسها أي دولة تبتغي القوة.. وفقاً للقواعد السياسية التي هي حرب على الموارد بالعالم!!
ومصر لديها ثقافتها كما لأي دولة، بل أكثر.. وهي التي يريد الأجنبي أن يمحوها ليُحيلها إلى المسخ لخلق بلاد مشوهة غير قادرة على النمو ليستمر الاعتماد عليه.. والحلم بتجارب مستوردة، هو كالحلم بالإتيان بالدب القُطبي للحياة والنمو في مصر.. إنه كابوس.. يراد من ورائه التشويه.. ويروجه مثاليون ليست لديهم علاقة بالواقع.. وهم أنفسهم الذين أظهرت تجربتهم الفشل الحاد، على مدى 3 سنوات، ويدمنون تعليق الفشل على كل من دونهم، ولا يمتلكون شجاعة الاعتراف بأخطائهم أبداً، فكيف للجُبن أن يبني بلداً؟!
لقد تخلينا عن ثقافتنا الأصيلة وامتطينا ثقافة مُستغربة أو مُستشرقة، فكان النهوض الحقيقي صعباً.. لأننا عشنا مسخا مشوها.. بالتأكيد كُنا أقرب لثقافتنا قبل 25 يناير.. ولكن لم نتطابق معها وننمو وفقاً لها، فكانت تجربة التنمية دوماً بعيدة عن أن تُساهم في تقدمنا.. وينسى الكثيرون دوماً، بل لا يقرءون عن تجارب مصر الثرية منذ العهد الفرعوني والقبطي والروماني والإسلامي والعربي.. فمجموع تلك التجارب وليس أي تجربة على حدة، هو ما يكون الثقافة والهوية الجامعة للمصريين، التي سيستمر الغرب أو حتى الشرق في مُحاربتها كي لا ننهض!!
إن نشر ثقافات مُخترقة للدولة ومُتعارضة مع تقاليدها، يجب أن يُعرف علناً على أنه اعتداء عليها.. فحقوق الإنسان هي إحدى "القوي الناعمة" للتدخل في شئون الدول.. إن حرية التعبير مثلاً تقف عند حدود قيم المجتمع ولا يجب أن تتعداها.. فالدفاع عن حرية التعبير يجب أن يكون متوافقاً مع عدم هدم الثوابت والقيم المُجتمعية.. إن حق أي إنسان يقف عند حدود إيذاء الآخرين في قيمهم!!
وهذا ليس بالأمر المبتدع، وقد عبرت فرنسا عنه، حينما منعت الحجاب من مؤسساتها الحكومية المُمثلة لهوية الدولة والشعب.. وهاج وقتها المسلمون وماجوا، ولا حياة لمن تنادي بفرنسا، لأن هذا أمر خاص بها ومُتعلق بهويتها الوطنية.. وهكذا، تمتلك مصر هويتها الوطنية أيضاً وهي التي يجب أن تؤكد عليها، بينما هي أكثر اعتدالاً وتعددية من فرنسا، المعتدية على المهاجرين العرب بوحشية، بينما لا اعتداء مُمنهج هكذا في مصر على أي أجنبي، من أي مكانٍ كان!!
إننا بحاجة إلى التأكيد على هويتنا وبعثها من غفوتها، كي نتقدم بحق، بدلاً من أن يُملي علينا الغريب أو التابع له هنا، هوية تُشكك الجهلة من بعض مواطني مصر، في هويتهم وتجعلهم يرون مصر مُجرد وجهة نظر، بينما يرون ثقافة دولة أخرى، هي الحقيقة المُطلقة!!
لا!! مصر مش وجهة نظر!!
وتحيا مصر