عن الثورة الشعبية والانقلاب العسكري
كنت أتصفح بالصدفة شبكة الإنترنت وفكرت في أن أكتب عبارة "مصر بعد 30 يونيو"، لا أعرف ما الذي تخبئه الشبكة من معلومات وتحليلات ومدى تحيزها أو موضوعيتها.
وفوجئت أن موسوعة "ويكيبديا" الشهيرة التى يطالعها ملايين القراء في مختلف أنحاء العالم خصصت مقالة بعنوان "الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر في 3 يوليو 2013".
وحين طالعت المقال بتمعن أدركت أنها تعبر بكل تحيز عن وجهة نظر الإخوان المسلمين في الموجة الثورية الهادرة، التي قامت بها ملايين الشعب المصرى في 30 يونيو استجابة خلاقة لحركة "تمرد" والتي دعمتها القوات المسلحة بقيادة الفريق أول "عبد الفتاح السيسى"، في 3 يوليو، والتي أدت بدورها إلى صدور القرارات الشهيرة بعزل "محمد مرسي" وإعلان خارطة طريق جديدة.
وهذه الموسوعة العالمية الشهيرة يشارك القراء في تحريرها عن طريق إضافة معلومات أو تصحيح مقولات أو اقتراح مراجع ومصادر جديدة.
وأدركت على الفور مدى تقصير الإعلام المصرى في تغطية أحداث 30 يونيو و3 يوليو.
ويمكن القول: إنه ليست لدينا منابر إعلامية ناطقة باللغات الأجنبية مع ضرورتها القصوى لعرض وجهة نظر الشعب المصرى فيما حدث، ولا نقول السلطة الجديدة التي استلمت مقاليد البلاد في 3 يوليو سواء كان ذلك رئيس الجمهورية المؤقت المستشار "عدلى منصور" أو رئيس الوزراء دكتور "حازم الببلاوى".
وهكذا يمكن القول: إن الدول الغربية على اختلاف مستوياتها سواء في ذلك حلقات النخب السياسية والثقافية الضيقة أو الجماهير العريضة لن تجد أمامها بالصوت والصورة سوى صوت جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها في الداخل والخارج.
كل ذلك من شأنه أن يحرم العالم من التعرف الموضوعى على السجل الأسود لحكم الإخوان المسلمين، وقد لفت نظرى في قائمة المراجع التي أوردتها مقالة موسوعة "ويكيبديا" إشارة إلى دراسة كتبها باحث مصرى اسمه "عاطف سعيد" وأوردها أحد الباحثين الأجانب وهى تتضمن سجلًا كاملًا بالقرارات المعيبة التي أصدرها "محمد مرسي" المعزول في فترة ولايته القصيرة.
وهذا التوثيق بالغ الأهمية كان ينبغى نشره باللغة العربية وغيرها من اللغات لأنه يقوم على معلومات موثقة وخصوصًا أن التقاليد الدستورية والقانونية المصرية تنص على ضرورة أن تنشر قرارات رئيس الجمهورية في الجريدة الرسمية.
وقد بادر أحد الصحفيين الأذكياء بتتبع قرارات العفو التي أصدرها الرئيس المعزول عن نحو 400 من الإرهابيين وتجار السلاح وتجار المخدرات ونشر أسماء أصحابها.
ويندهش المرء لأنه ليس هناك تفسير رسمي عن العفو عن هؤلاء ولا مبرراته مع أنه عادةً لم تجرؤ الرئاسة المصرية على عدم العفو الجماعى كما فعل "مرسي" عن مئات المحكوم عليهم في جرائم بالغة الخطورة.
وفى تقديرنا أن جزءًا من الواجب الوطنى للائتلافات الثورية التي ثارت ضد حكم الإخوان المسلمين الغادر إعداد "كتاب أسود" عن هذا الحكم يزخر بالوقائع الموثقة ويسجل بدقة بالغة كل محاولات جماعة الإخوان المسلمين لأخونة الدولة وأسلمة المجتمع، وهذا الكتاب ينبغى أن يتُرجم إلى اللغات الأجنبية حتى يعرف الرأى العام العالمى حقيقة الثورة الشعبية التي هبت في 30 يونيو والدور الوطنى للقوات المسلحة في 3 يوليو والتي هى الحارسة لخارطة الطريق التي ستقود مصر إن شاء الله في طريق الديمقراطية.