مسيحيو الشرق بين رحى الغرب والإسلام السياسى
"ما أرحم الحيوانات المفترسة"، ما أرحم الكفرة وعبدة الشياطين، ما أرحم الشيطان الرجيم"، كلمات كتبتها سابقاً.. حينما رأيت صورة جثمان القس العراقي راغد كني كاهن الكنيسة الكاثوليكية الذي قتل على يد المتشددين الإسلاميين.. بل وفقأوا عينيه بحديد ساخن .. حيث لم تشف غليلهم طلقات الرصاص المخترقة لجسده التي أودت بحياته، استدعتها ذاكرتي حينما رأيت حال مسيحيي الشرق المستهدفين داخل أوطانهم الأصلية بشهادة زرات ترابها إنها من أجساد أجدادهم.
صارت أيامنا دموعًا وبكاءً مستدامًا على انعدام إنسانية.. جماعات تصف نفسها بالأرحم والأفضل ! ولكن الآن يعلو صوتى بالصراخ إلى أقاصى المسكونة معلنا استنكارى يوما بعد يوم من الأعمال البربرية التى تقوم بها التيارات المتأسلمة فى سوريا والعراق ومصر وليبيا والجزائر والصومال ونيجيريا.. وأراهم يقتلون ويغتصبون ويسرقون وينهبون باسم الدين !
من الضحية؟ هم بالطبع كل من يخالفهم أيدلوجيا أو مذهبيا أو دينيا، ولكن مسيحيى الشرق الهدف الأول لهم ولأسلحتهم ولإرهابهم، مسيحيو الشرق كانوا فى العهود السابقة قبل الربيع العربي بين رحى المتأسلمين والنظام الحاكم.. وبعد "الربيع" العربي أصبحوا بين سندان التيارات الراديكالية الإسلامية سلفيين وجهاديين وإخوان ورحي دول الغرب التى ضلت بوصلتها فتعاونت مع الإرهابيين والمتطرفين وآكلى قلوب وأكباد البشر وقاتلى الأطفال وسارقى وحارقى الكنائس والأديرة ومهجرى البشر ومغتصبى النساء، هؤلاء هم من ساندتهم دول الغرب عسكريا وسياسيا واقتصاديا بهدف خبيث ووعود كاذبة لمصالح دول الغرب المتخلفة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
مسيحيو الشرق هم الذين سقطوا قتلى وصرعى وهجروا من أوطانهم وقدموا محارق على مذابح المتطرفيين من الإسلاميين بجيش جرار من رجال دين ينشرون الكراهية ويبذرون الحقد والإرهاب فى ربوع الشرق باسم صحيح الدين ! وقنوات تليفزيونية تبث سمها الزعاف فى الأثير فتخلق جيشا جرارا من الجهاديين القتلة والمتطرفين ليكونوا وقودا لدمار المنطقة وسحق مسيحيي الشرق .
ومع البكاء والعويل يصاب المرء بحالة من الاندهاش والتعجب، كيف لدول تنادى بحقوق الإنسان وتتبنى الحريات الدينية أن تمد يدها وتتعاون مع من لا دين لهم ! ومن تتضائل أمام أعمالهم أكثر الحيوانات شراسة؟!
كيف تتوافق الأيدلوجيات وكيف.. وكيف ... مليون سؤال يحطم رأسك ويمزق قلبك حينما تشاهد سقوط معايير وتهاوى أخلاق وانعدام إنسانية لدول غربية كنت دائما تؤمن أنها راعية للحريات فإذا بها راعية للإرهاب ! ودويلات صغيرة أنعم الله بها من ثروات تنفق ببذخ لتنفيذ أجندات شيطانية لتكبر من حجمها .
أما المصيبة الكبرى لمسيحيي الشرق ليس قتلهم برصاص الغدر أو حرقهم والتمثيل بهم وهم أحياء ولا خطف واغتصاب بناتهم القصر وليس طردهم من ديارهم وديار أجدادهم وليس من أعمال السرقة والنهب بتعضيد شيوخ الإرهاب ...إنما المصيبة والمعاناة الحقيقية هى فقدان العرب بوصلته فأصبح أحد أهم ركائز الأنظمة الفاشية الدينية فى المنطقة وقدم مسيحيو الشرق ليطحنوا بين سندان الجماعات الدينية ورحى الغرب المعضد للإرهاب العالمى .
"القيادة الصالحة توجد أتباعاً صالحين" مثل هولندي
Medhat00_klada@hotmail.com