رئيس التحرير
عصام كامل

مصر مش وجهة نظر: فوضى المعانى؟!


كيف تصنع بيئة مُفرغة من الخجل، .. من الوطن، .. من القيمة؟!
يتمثل البديل في الإسفاف ومحو التاريخ والموروث وتسييد التباس المعنى وشن حملة قيم إنسانية عالمية - وليس وطنية - مطلقة بينما الحياة كلها لا يمكن أن يسودها المطلق وإنما النسبي!! ولا يمكن نسيان من قال بأن "الإخوان فصيل وطني"، بينما يُفترض فيمن يصنع في مصر الأفضل ويريد أن يكون رئيساً لها، أن يعرف تاريخها وحقيقة الإخوان التي لا يمكن أن ينساها قائد لمصر، إن كان قائداً في المقام الأول!!


ولكن البرادعي بدأ فرض رؤيته الإنسانية المُطلقة منذ البداية، فهي رؤية تفترض انعدام وجود الشر بين البشر، إلا في رجال نظام مبارك!! فالإخوان فصيل وطني، بينما نظام مبارك شرير، ولم يعترض الرجل على اعتداء متظاهري يناير على البلاد والعباد، ولكن كل الشر بالنسبة له، تجسد في مبارك الذي لم يقم يوماً بنشر الفوضى التي أشرف البرادعي على نشرها في مصر، مُستهدفاً كل بيت في البلاد!!

لم يتكلم البرادعي يوماً بوطنية ولكن استخدم القيم الإنسانية الخاصة بنشر العولمة وصناعة الإنسان الدولي، للمُساهمة في إلغاء حدود القيمة التي يُفترض نموها في أي بيت صحي يُعلم أبناءه الوطنية والانتماء، فالانتماء الوطني، لا يُفترض أن تتعلمه كبيراً ولكنك تنمو به من الصغر وتنشأ عليه، لقد كان استهداف القيمة قائم على المساهمة في تمرد الشباب على المجتمع ذاته، وبالطبع يوجد لدي المصريين، كما لدي أي شعب، بعض الصدأ في بعض السلوكيات، ولكن الإصلاح لا يكون بالتطرف الشديد ضد المجتمع ككل!!

فهناك فارق جبار بين حرية التعبير والفوضى في التعبير، ومحاولة البعض الدفاع عن باسم يوسف اليوم تحت ذريعة حرية التعبير، هو اعتداء على المجتمع وثوابته، ورغبة منهم في تمرير الزيف والإباحية لتبرير الإسفاف!!

إنه إرهاب فكري، المُراد منه القول بأن ما يحدث منذ يناير 2011، بالاعتداء على المُنشآت وفتح السجون وحرق الأقسام حق، من أجل الحرية. ولكن حرية من وهل الحرية تعني الفوضى؟!

إن الفصيل الوحيد الذي نال الحرية منذ يناير 2011، هو الفصيل الإرهابي ولا أحد سواه، لأننا كُنا نمتلك حريتنا أكثر من اليوم!! أما الفصيل الإرهابي المعتدي على قيم المجتمع، فهو من نال حريته في إزكاء نير الفوضى والاإعتداء على المصريين جميعهم. وهكذا، فإن حملة البرنامج ومؤيديه، ليست إلا أسلوب معتد على المعنى، لخلق باب آمن، لخروج الإخوان من مأزقهم، وإعادتهم إلى المشهد السياسي بالاعتداء على المعنى والأخلاق والقيمة!!

والغريب، أن لعبة تمرير الفصيل الإرهابي من خلال شعارات الحرية المُزيفة، هي نفس اللعبة التي لعبها اليهود بأمريكا، حينما استغلوا حركة الحقوق المدنية في الستينات، والتي كانت لحرية السود بالأساس!! لقد مرروا حريتهم وصناعة قوتهم، بالدفاع عن السود في تلك الحركة، فأصبحوا في النهاية أكثر قوة من السود في الولايات المتحدة الأمريكية!!

إن محاولة تمرير المعنى المزيف، هو أحد الأمور المحورية التي نصت عليها "بروتوكولات حُكماء صهيون"، وقد كنت أرى أن تلك البروتوكولات زيف قبل 2011، ولكن حينما وجدت اللعب مُجسد لها في مصر على أرض الميدان، أعدت النظر إليها، فوجدت نظرياتها تُطبق على الأرض بقوة، وليس على من يُكذبني إلا أن يقرأها ليتحقق من كلماتي الآن.

علينا أن نُعيد للكلمات معانيها، لأن نفاق الزيف زاد عن الحد، ما جعل المتآمرون يستغلونه للاعتداء على الوطن لصالح أعدائه،
مصر مش وجهة نظر،
وللحديث بقية،
وتحيا مصر..
الجريدة الرسمية