رئيس التحرير
عصام كامل

طه حسين سبق عصره في "الشعر الجاهلي" فاتهموه بالإلحاد

الدكتور طه حسين
الدكتور طه حسين

طه حسين.. نموذج للمثقف الثورى وظهر في مبحثه الشهير "في الشعر الجاهلي" الذي نال به شهرة عالمية.. اتهم بالإلحاد من قبل الكثيرون لما تناولة الكتاب من اراء خطيرة بمثابة قنابل تفجيرية.. وتميز عميد الأدب العربى عن غيره من الكتاب المعاصرين له من أنه كان مفكرا عمليا استطاع أن يستثير الأفهام ويستثمر الخيال في إيقاظ وتنبيه الوعى المحرك الأول للتغيير.


ثورة طه حسين جاءت وهو من أعيان المثقفين والصفوة على كل ما هو قديم، وواجهته أفكار مريضة أورثت المجتمع التأخر والركون.

واستهل كتابه عن الشعر الجاهلى بقوله: "أريد ألا نقبل شيئا مما قاله القدماء في الأدب وتاريخه إلا بعد بحث وتثبت إن لم ينتهيا إلى اليقين فقد ينتهيان إلى الرجحان"، ويقول أيضا: "لقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعا ما أعرف أنى شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربى، وهذا الاقتناع القوى هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول، غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بتزوير المزور وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث وإن أسخط قوما وشق على الآخرين".

وصور طه حسين منهجه في الكتاب بقوله: "إنه سيسلك في هذا البحث منهج ديكارت الذي يطالب الباحث بأن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن ينسى عواطفه القومية والدينية".

ونجده يتحدث في الكتاب عن نوع آخر من تأثير الدين في انتحال الشعر وإضافته إلى الجاهلين، وهو ما يتصل بتعظيم شأن النبي من ناحية أسرته ونسبه من قريش فلأمر ما اقتنع الناس بأن النبى يجب أن يكون من صفوة بنى هاشم، وأن يكون بنو هاشم صفوة بنى عبد مناف، وأن يكون بنو عبد مناف صفوة بنى قُصى، وأن يكون قُصى صفوة قريش، وقريش صفوة بنى مُضر، ومُضر صفوة عدنان، وعدنان صفوة العرب، والعرب صفوة الإنسانية".

ويقول أيضا في الكتاب: "وشاعت في العرب أثناء ظهور الإسلام وبعده فكرة أن الإسلام يجدد دين إبراهيم، ومن هنا أخذوا يعتقدون أن دين إبراهيم هذا قد كان دين العرب في عصر من العصور ثم أعرضت عنه لما أضلها المضلون وانصرفت إلى عبادة الأوثان".

والذي عاصر هذا الكتاب يعرف أنه تعرض للعديد من الانتقادات الكبيرة لما يحملة من اراء خطيرة مما ادى إلى قيام البعض بتكفير طه حسين واتهامه بالإلحاد.

ومن جانبه يرى الناقد والفنان التشكيلى حسن عثمان أن طه حسين كان تفكيره متقدم على عصره بشكل كبير، وهو ما تسبب في مهاجمته من قبل الآخرين بشدة وصل إلى اتهامه بالإلحاد وتكفيره.

وأضاف أنه حينما يكون الشعر الجاهلى متقدم على عصره وغير ملائم للبيئة المحيطة، يكون من الطبيعى مهاجمته، مثل الصعود إلى القمر يتم الحديث عن الحلال والحرام، مؤكدا أن ما واجهه طه حسين نقد غير موضوعى.

كما أكد الناقد الأدبى حسين حمودة أن الكلام في كتاب طه حسين "الشعر الجاهلى" يبدأ ولا ينتهى، حيث كان هذا الكتاب محاولة لإرساء تقاليد فكرية جديدة في البحث وفى التعامل مع التراث، وفى نزع أو نفى ما يبدو يقينا، ونحن نعرف المعركة التي أحاطت بهذا الكتاب منذ ظهورة عام 26 ونعلم القرار الحكيم الذي صدر ليبرء طه حسين من تهمة التكفير.

وأوضح أنه ربما تجاوز طه حسين في بعض العبارات المحدودة داخل الكتاب ولكن هذا لا يقلل من أنه قدم كتاب ممتاز في الشعر الجاهلى أو ما يتصور أنه جاهلى، بالإضافة إلى تأكيده مبدأ الشك في التعامل مع كثير مما يقوله القدماء، حيث إن القدماء ليسوا مقدسين وليس كل ما قالوه صحيحا وملزما علينا.

وأشار قائلا: ربما كان جزء من الهجوم العنيف عليه تلك العبارات المحدودة ولكن جانب آخر من الهجوم كان سببه هيمنة عقلية تقليدية تتعامل مع التراث العربى على أنه تراث مقدس لا شيء إلا لأنه تراث.
الجريدة الرسمية