طه حسين يعترف بخصومته مع توفيق الحكيم والعقاد
"الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية" حكمة من المفترض أن تكون قد تحققت إلا أنها حتى عصرنا الحالي لم تحدث، وبالنظر إلى كبار المفكرين والأدباء نجد عميد الأدب العربي طة حسين وخصومته مع الأديب محمود عباس العقاد، والتي كانت هذه من ضمن الخصومات الأدبية الفكرية بينهم.
وهناك كثير من الاستدلالات على مواطن الاختلاف الحاد بين طه حسين والعقاد وخاصة في قضايا الفكر واللغة والأدب التي خلدها التاريخ الأدبي المعاصر، فإن مَنْ لديه أدنى اطلاع يكتشف عشراتِ المواقف في مئات الإشكالات الأدبية وحتى الفكرية.
وكتاب " خصام ونقد "، يوضح فيه الأديب الراحل طه حسين خصومته مع أدباء عصره وأولهم العقاد،وذكر طه حسين لقاء جمعه بسامي داود والذي قال فيه:"إني بايعت العقاد بإمارةِ الشعر في وقت من الأوقاتِ،وأن هذه البيْعَةَ كانتْ سياسيةً،اقتضتْها ظروفٌ خاصةٌ، وأحب أن أؤكد للأستاذ أني لم أبايع العقادَ بإمارةِ الشعر،وما كان لي أن أبايعَه،لأني لم أكنْ شاعرًا،وإنما قلتُ مخلصًا غير محاب ولا متأثرٍ بالسياسة ولا مستَعٍد للرجوع فيما قلتُ..!!
قلتُ: إن الشعراءَ يستطيعون أن يَرفَعوا لواءَ الشعر إلى العقادِ بعد أن ماتَ حافظ وشوقي، فهو يستطيعُ أن يَحمِلَ هذا اللواءَ مرفوعًا منشورًا،وأن يحتفِظَ لمصرَ بمكانتِها في الشعر الحديث.. ولم أغير ولن أغير مما قلت شيئا إلا أن يظهر شاعر جديدٌ يتفوق على العقاد، فللعقاد شِعْر رائع بارعٌ رصينٌ متينٌ،لا يُخدَعُ ببهرَجِ اللفظ ولا يُسْحَرُ بروعةِ الأسلوب،وإنما يُعجَبُ باللفظِ والأسلوب والمعنى جميعًا.
وللعقادِ شِعْرٌ أقلُّ ما يُوصَفُ به أنه يدل على شيءٍ،ويَدل على شيءٍ من حقه أن يُحببَ الشعرَ إلى الناس.
وقد خاصمتُ العقادَ في غيْر موْطِنٍ من مواطن الخصومةِ.خاصمْتُهُ في السياسةِ وخاصمته في الأدب،وخاصمته في غيْر السياسةِ والأدب أيضًا.ولكنَّ هذه الخصومةَ لمْ تغُضَّ من قدْر العقادِ في نفسي،وما أظن أن بين لِدَّاتِ العقادِ وأترابِهِ ومعاصريه مَنْ يُقدِّرُهُ ويُكبِرُهُ مثلَ ما أقدِّرُهُ أنا وأُكبِرُهُ..!!!
وليسَ يَعنيني أن يكونَ رأيُ العقادِ فِـيَّ كرأيي فيهِ،وإنما الذي يَعنيني أن أقولَ الحقَّ وإن كرِهَهُ الكارهون..وإن كَرِهَهُ العقادُ نفسُهُ..!!
ومن جانب آخر نجد خصومة الأديب الكبير طه حسين مع توفيق الحكيم حيث قال في نفس الكتاب: "وقد خاصمتُ توفيق الحكيم أو خاصمني توفيقُ الحكيم،وسَلْهُ إن شئتَ عما تركتْ هذه الخصومةُ في نفسِهِ ولا تَسَلْني أنا عما تركتْ هذه الخصومةُ في نفسي،فكل الناسِ يعرفُ أن الخصومةَ بين الناس وبيني مهما تشتدُّ فهيَ أهوَنُ شأنًا وأقلُّ خطَرًا مِنْ أن تترُكَ في نفسي أثرًا.