حد الحرابة والقانون
سمعنا هذه الأيام عن قيام بعض القرى بتطبيق حد الحرابة، الذى يواجه به الأهالى المعتدين عليهم من اللصوص والبلطجية الذين يروعون الآمنين من الناس ويزرعون الخوف فى كل من يخرج من بيته أو حتى من لم يخرجوا، فقد منعهم الخوف من الخروج فقد يستوقفهم هؤلاء فى لحظات يسلبون منهم كل ما يجدون، فهم مدججون بالأسلحة حتى ولو كنت ممن لديهم سلاح لا تستطيع إخراجه ولن تتمكن من ذلك لأنك قد تكون حكمت على نفسك بالإعدام.
ولهذا وللقصور الأمنى المستمر وسط قصور الإمكانيات من جهة، ومن نتائج الأحداث وجدنا الشرطة التى لا تستطيع أن تعمل وسط عواصف الاختلاف وفلسفة الأيدى المرتعشة والخوف السائد فى كل أعمدة الدولة فلا مفر من أخذ الحق باليد ولا يوجد بديل.
هل ما يحدث الآن من تطبيق الناس للقصاص باليد والتمثيل بالجثث مما حثتنا عليه الأديان؟ أم أن هناك قصورا بالقانون جعل الناس تتصرف وكأنها هى القانون وهى منفذه؟ أم أن الوضع الحالى هو الذى جعلنا نسينا آدميتنا وتحول البعض منا إلى وحوش كاسرة؟
نحن أولا فى حاجة إلى إصدار قانون فورى لردع البلطجة والتحرش فى مصر، وتنشر يوميا أخبار عن ضبط المخالفين، سيعيد القانون إلى مجراه، وتطبيقه سيمنع عن مصر الوصول إلى تكوين جماعات تقوم بالحماية والأمن وهو ما سيضر بمستقبل مصر وسلامة أراضيها، وثانيا تطبيق الأحكام وسرعة إصدارها وتكون ذات أولوية على سائر القضايا وخصوصا على عصابات السرقة بالإكراه والسطو المسلح، والتى تفشت هذه الأيام .
ولو لم نعتبر أن هذا الأمر مهما لكنا مثل النعام الذى يغرس رأسه فى التراب حتى لا يفيق إلى حجم المشكلة التى تواجهنا، فوجود الشرطة كهيئة لها معاييرها فى القبض وتنفيذ الأحكام وحفظ الاستقرار وتواجدها الدائم وحفظ هيبتها مطلوب وأساسى، ولا خطر فيه بقدر الخطر الذى ينتظرنا إذا ما فقد الشعب أمله فى جهاز الشرطة لأنه حينئذ لا توجد معايير يمكن من خلالها التحكم فى هؤلاء الجماعات التى سيتم تشكيلها من الأهالى والتى ستتسم حينئذ بالطائفية المقيتة، ولنا فى تاريخ الشعوب من الذكريات عن جماعات حفظ الأمن المسلحة "الميليشيات" الكثير من العبر .. فقط لمن يعتبر.