مصر مش وجهة نظر: الاعتداء على قيم مصر؟!
أصبح التمرد على تقاليد المُجتمع وتحدي ثوابته، ضمن أسهل طُرق الشهرة في مصر. لقد أضحى أكبر من تطبيق المثل القائل "خالف تُعرف". والثوابت هي تلك الأمور اللاخلافية التي نشأ المجتمع كله عليها دونما تمييز، مثل الدين والأخلاق والقيم.
ومصر فيما يتعلق بثوابتها، مُعتدلة إلى حدٍ كبير. فمصر الأصيلة، بلاد جُبلت على رفض التطرف كله، سواء يميناً أو يساراً، وسواء كان مُتاجراً بالدين أو بالوطن!!
ومن السهل تناول الاستياء العام الذي حل بالمصريين ليلة 25 أكتوبر الماضي بعد مُشاهدة التطرف الأخلاقي الهابط، لبرنامج "البرنامج"، بأن نتعرض لمُقدمه ونتحدث عن الثوابت سريعاً، ولكن ما حدث ليس وليد اللحظة ولكنه يُمثل ظاهرة، مست المُشاهد الآن أكثر من ذي قبل بسبب توقيت البرنامج في لحظة حساسة من عمر الوطن. فالفجاجة الأخلاقية، أضحت "ظاهرة عامة" في أمور كثيرة، وعليه يجب أن نتعمق في الأمر أكثر، فرُبما نُساهم في إرساء بعض الطُرق للعلاج.
إن التمرد على ثوابت المجتمع أصبح نمط حياة للكثيرين، ممن لا يعرف الانتماء الوطني طريقه إليهم. وأصبح الربح المادي أهم بكثير من الوطنية بالنسبة للبعض. فنجاح هذا البرنامج الذي كان دوماً فجاً ورفضته وقتها أيضاً، يدر الكثير من الربح، لأنه كان من الواضح أن الكثيرين يُتابعونه وبالتالي تعرض الكثير من المُنتجات إعلاناتها بين فقراته. ولكن أليس لدينا أفلام هابطة كثيرة أيضاً تتعرض للثوابت وكذلك الكثير من أغاني الفيديو كليب التي تنتهك قيم المجتمع؟! تلك لا يُمكن أن تتحول إلى أمر عادي في مصر، بلد الأزهر والمسيحية الأرثوذكسية!!
إن الرغبة العارمة في تشويه الثقافة المصرية بالتجارة في القيم، مثلما يفعل الإخوان تماماً بالتجارة في الدين، ليست إلا رغبة استعمارية، في السيطرة على العقول وتحويل الغريب عن المصريين إلى العادي، لكي تتآكل الثوابت، وبديلاً عن صناعة مجتمع راق، يسود مُجتمع مُسف. إن هذا ليس من الحداثة في شيء لأن الحداثة هي "تكنولوجيا تفكير" ترتقي بالمجتمعات، ولا تهبط بها!!
ونحن في تدن أكبر منذ يناير 2011، حينما أتت مع 25 يناير ثقافة غريبة، اعتمدت السباب واستخدام الألفاظ الماسة بكل الرموز وانتهاك الثوابت بالوطن. فما حدث ببرنامج البرنامج، ليس حادثا عرضيا ولكنه فعل ضمن منظومة انتهكت "الكبير" لدينا في المجتمع بمنتهى الفجاجة، من مُنطلق أن الشباب هم من قادوا 25 يناير، فحدثت "فرعنة" لـحدث 25 يناير، والمصيبة، أن الحدث المُفرعن، يرفض فرعنة ما دونه!!
إنها شيزوفرنيا مُتأخرة ومُراهقة مستترة بين طيات الفعل!!
إن استخدام الإباحية في مُحاربة ثوابت المُجتمع، ثم الدفاع عنها، والقول برفض فرعنة الرمز الوطني، إنما هو إسفاف فج. فاستخدام العُهر في مُحاربة حُماة الوطن، من مُنطلق إعلاء القيمة، ما هو إلا دعارة مُستترة، يُراد منها الاعتداء على المُجتمع لصالح أعدائه. ولست مع الفرعنة بأي صورة، ولكن لست أيضاً مع نشر الإسفاف وتمريره بأي ذريعة، مهما كانت وتحويله إلى ديكتاتورية تُسيطر على العقول!!
لقد نال مقدم البرنامج جائزة أمريكية، ليس لشيء إلا لقاء اعتدائه على قيم هذا المُجتمع، ومُساهمته في خلق المسخ به. فمع تذكر ترك المُستعمر الأمريكي فور دخوله بغداد، النهب ينال من متاحف العراق، نُدرك ما يقوم به أمثال هذا البرنامج من أهداف لا يُمكن على الإطلاق أن نراها وطنية أو مُستهدفة للفرعنة وإنما المواطن وموروثه!!
ولكن "باسم" ليس الوحيد في هذا الفعل!!
ولكن ألا يدرك أن مصر مش وجهة نظر، وثوابتها لا تُمس؟!
وللحديث بقية.
وتحيا مصر