رئيس التحرير
عصام كامل

الغلابة يدفعون الثمن دائمًا


قبل الثورة بعامين كتبت عن الصراع بين الحزب الوطنى وجماعة الإخوان، الذى حرم مصر من إصلاحات كثيرة، والوطنى استخدم الإخوان فزاعة لأحكام سيطرته على البلد، والغلابة فيها هم الذين دفعوا ثمن هذا الصراع، وكانوا يعانون الفقر والجهل والمرض، والحزب وأعضاؤه ينهبون ثروات الوطن، والغلابة يموتون فى القطارات والعبارات وفى حوادث الطرق وفى البحار والمحيطات، وكل أجهزة الدولة كانت مشغولة بالصراع بين الحزب والجماعة.



 الغلابة أصابهم السرطان وشربوا من مياه المجارى وأكلوا من زراعات على الصرف الصحى، والشباب ضيع أفضل سنوات عمره على المقاهى، ومنهم من مات غرقًا وهو يبحث عن رزقه فى أوربا، والمواطن كان مهانًا فى الداخل والخارج، ومبارك يرتب أوراقه لتوريث نجله الحكم، ويضغط على الخارج بورقة الإخوان المسلمين.

 الخلاصة.. إن المواطن الفقير المعدم دفع ثمن الصراع على السلطة، ولم ينته هذا الوضع بعد الثورة التى قام بها الشعب من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لكن حتى الآن، لا عيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية، والفقير ما زال فقيرًا، قبل الثورة وبعدها "اللى بيجوعوا هم الغلابة، واللى بيموتوا، هم الغلابة، واللى بيضيع حقهم، أيضًا الغلابة"، بينما النخبة تبحث عن كراسى ومجد وتصفية الحسابات، والفقراء يبحثون عن لقمة العيش، ولم نتحرك خطوة للأمام بعد الثورة، مقضينها كلام وتربص.
 

القطارات تحصد أرواح الناس والدم على الأسفلت، ومواجهات كل ساعة بين أطراف مختلفة والحدود الله أعلم بها، وسلاح رايح جاى ومخدرات هنا وهناك، وقيمة المواطن 5 آلاف جنيه أو 10 أو حتى 40..  هى دى قيمة المواطن فى مصر! بين الكارثة والكارثة، كارثة.. نخاف من النوم حتى لا نستيقظ على كارثة جديدة.. الأمهات قلبها موجوع.. أم تلبس ابنها ويروح يشجع مباراة كرة قدم، يرجع فى كفن.. وأم تلبس ابنها ويروح المدرسة أو المعهد أو الكلية، يرجع لها أشلاء.. وأم سعيدة بابنها الجندى اللى راح يحمى الحدود، يرجع هو أيضًا فى كفن.. أخاف أن الصراع على السلطة وشماعة الفلول والنظام السابق والثورة المضادة تستمر معنا كثيرًا، وتستمر معها معاناة الغلابة، طبعًا أنا أعرف أن المسئولية كبيرة، والتركة ثقيلة وما تم إفساده فى سنين لن يتم إصلاحه فى شهور، لكن كان وما زال لدينا أمل أن نبدأ ونضع أقدامنا على بداية الطريق؛ لأن الانطباع السائد لدى كثير من المواطنين أن جماعة الإخوان تعمل لمصلحة أعضائها فقط، وأن كل اهتمام رئيس الجمهورية هو تمكين الإخوان وتسكينهم فى جميع المناصب المهمة فى البلد، بصرف النظر عن الكفاءة أو الخبرة وإذا استمرت الأمور بهذا الشكل، فإن الغلابة سوف يستمرون فى دفع الثمن فى الماضى والحاضر والمستقبل، وهذا ما لا يرضاه المولى تبارك وتعالى.

 

الجريدة الرسمية