رئيس التحرير
عصام كامل

الثورة مستمرة


وكأن التاريخ يعيد نفسه، فقد اندلعت ثورة 25 يناير بعد تردى الأحوال المعيشية لثلاثة أرباع الشعب، وبعد تزوير فادح وفاضح للانتخابات البرلمانية، وأحكام واستحكام منظومة الفساد والإفساد فى طول البلاد وعرضها، وإهانة كرامة المواطنين فى أقسام الشرطة، وتسول المواطن حقه فى التعليم والعلاج، وتفشى «الواسطة»، و«المحسوبية»، و«الرشاوى» فى جميع قطاعات الدولة، وهو ما يحدث الآن، رغم مرور عامين على الثورة المباركة.. وكأن آلاف الأرواح التى عانقت السماء راحت هدرًا والدماء الطاهرة لآلاف المصابين لم تكن ثمنًا عادلًا لأهداف الثورة «عيش.. حرية.. كرامة.. عدالة اجتماعية».



خلال العامين الماضيين من عمر الثورة، فقد كثيرون الأمل فى تحقيق أى من أهداف الثورة، بل لعبت قوى خبيثة لعبتها ليكره الشعب الثورة والثوار.. فجميع الأوضاع المعيشية زادت ترديًا، وأى مدافع عن الثورة يجد أبواقًا إعلامية تحبط إرادته فى التغيير السلمى، بل وتسفه أفكار الثوريين وأحلامهم، والأسوأ ما يحدث من انقسام قوى المجتمع شيعًا، بدلًا من الالتفاف حول هدف واحد هو تحقيق أهداف الثورة، والبحث عن حلول مبتكرة وغير تقليدية للمشاكل التى عجز عن حلها الرئيس وحكومته وإخوانه وحزبه وجماعته، خصوصًا الأزمات الاقتصادية المستعصية.. مثل الوقود والخبز وغيرهما من معضلات أحالت حياة الشعب إلى جحيم.

وسط هذا الطوفان نعيش أزهى عصور الكذب الإخوانى، فقادتهم من كثرة اعتيادهم الكذب قد كتبهم الله عنده من الكاذبين؛ لتحريهم الكذب، فأصبحوا يتنفسون كذبًا وزورًا وبهتانًا، وأشهر كذبة هى ضخ 200 مليار دولار فى شرايين الاقتصاد فور فوز محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، وقد فاز وحكم البلاد منذ سبعة أشهر، فماذا تم؟ فور جلوسه على الكرسى بدأ الرجل تسول القروض، من الشرق الخليجى ومن الغرب الأمريكى والأوربى، ولا شىء يتم، فضلًا عن «مرمغة» سمعة مصر فى أوحال التسول.

مصر الحضارة والتاريخ والعلماء والثروات والإمكانات البشرية تتسول ممن أفاضت عليهم لقرون، نتسول ومصر «فوق خزائن الأرض».. بأى منطق وبأى عقل نرضخ لإملاءات رعاة الشاة الذين تطاولوا فى البنيان؟ تتسول مصر من معدومى المبادئ؟.

الكارثة الكبرى هى أن قوى الداخل ساهمت فى إفقار مصر، والكارثة الأسوأ هى نفاد الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية، ولا يزال الإخوان يكذبون.. لكن الثورة مستمرة.. سوف تنهض مصر؛ لتمسح عن وجهها الطاهر قذارات النظام الحالى، وهو ما يراهن عليه شرفاء هذا الوطن.

 

الجريدة الرسمية