الإيكونوميست: علاقات السعودية الدولية تتأثر برفض مقعد مجلس الأمن
رجحت مجلة (الايكونوميست) البريطانية أن يؤثر رفض السعودية لشغل مقعد في مجلس الأمن الدولي على علاقاتها الدولية بالسلب في الفترة المقبلة.
ورأت المجلة - في تقرير أوردته عبر موقعها الإلكتروني اليوم السبت - أن الرفض السعودي قد يسفر عنه المزيد من التدقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان في السعودية، ومن بينها انتقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يوم 21 أكتوبر الجاري لعدة انتهاكات في السعودية، حيث قدمت منظمتي هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تقارير شديدة القسوة تنتقد فيها فشل البلاد في وقف اضطهاد المعارضين ووضع حد للتمييز ضد الأقليات الدينية والمرأة.
وأوضحت المجلة أن التسرع في اتخاذ القرارات لا يعد النمط المعتاد للدبلوماسية السعودية، حيث إنه لطالما فضلت السعودية دبلوماسية الأبواب المغلقة عن سياسة الأجواء المفتوحة، ولكن القرار المفاجىء من المملكة في يوم 18 أكتوبر الجاري كان مذهلًا بكافة المقاييس، حيث إن الدبلوماسيين السعوديين في نيويورك كانوا يستعدون حينئذ لانتخاب بلادهم عضوا مؤقتا بمجلس الأمن لمدة عامين.
ونوهت المجلة إلى أن نبأ انضمام السعودية إلى مجلس الأمن كان خبرا يدعو للبهجة بين جميع الأوساط ووصفته المجلة بأنه يعد "لحظة حاسمة" في تاريخ المملكة، مضيفة أنه من الصعب أن تقدم السعودية أجندة إصلاحية بتجنب المشاركة في المنظمة التي تقول إنها تريد أن تحدث تغييرات بها، كما أنه من الصعب أن ندرك كيفية اتخاذ هذا القرار بعد أشهر من محاولات السعودية لكسب التأييد من أجل الحصول على المقعد.
وأشارت إلى أن ما لا يقل عن اثنى عشر دبلوماسيا سعوديا أمضوا فترة طويلة من التدريب بالعام الماضي في نيويورك من أجل إعدادهم لمهام مجلس الأمن المتوقعة.
وأردفت المجلة قائلة "إن ردود الأفعال النارية ونفاد الصبر أحيانا هما من الصفات المعروفة عن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مع أقدم وأقوى حليف للملكة في العالم ألا وهي الولايات المتحدة، مشيرة إلى الرسالة الغاضبة التي أرسلها الملك عبد الله في عام 2001 للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش جراء فشله في معالجة القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وعلى الرغم من التغاضي عن حالة الاحتقان آنذاك في ظل الاضطرابات التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن إحباط السعودية قد تصاعد بسرعة في الأشهر الأخيرة جراء، ما تراه السعودية، ارتباكا من الولايات المتحدة، التي تعتبرها حليفا لا يمكنها الاعتماد عليه".
ولفتت المجلة إلى أن موقف السعودية تأثر بموقف الولايات المتحدة في عدد من القضايا الحالية وأولها مراوغة الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس باراك أوباما في دعمها بشكل ضمني لتأييد المملكة العربية السعودية للأحداث التي وقعت في مصر في يونيو الماضي، وثاني القضايا هي التقارب المفاجىء بين أمريكا وإيران، وهي البلد التي تعتبرها السعودية قوة معادية وخصم إقليمي لدود.
واستدركت المجلة أن أكبر الأسباب التي نتج عنها الغضب الملكي هو فشل الإدارة الأمريكية في معاقبة النظام السوري برئاسة الرئيس السوري بشار الأسد جراء انتهاكه للخط الأحمر الذي وضعته الإدارة الأمريكية ضد استخدام الأسلحة الكيميائية.
وأضافت المجلة أن الحلفاء المؤيدين لقوى المعارضة السورية لم يخسروا فقط الفرصة الذهبية لنيل فوز ساحق على الأسد ودحر نفوذ حليفه الرئيسي في الشرق الأوسط، وهي إيران، بل إن موقف الولايات المتحدة المتخاذل، في نظر السعوديين، عزز من الروايات التي سردها أعضاء تنظيم القاعدة بأنه لا يمكن أبدا الوثوق بالغرب.
وذكرت المجلة أن البعض يعتقدون أن السعوديين برفضهم لمقعد مجلس الأمن لن يتبنون الخجل كرد فعل على قرارهم، بل من الواضح أن السعودية بدأت في تبني دورا إقليميا أكثر عدائية، مضيفة أنه من هذا المنطلق، فإن السعودية لن تنفض يديها من الوضع الحالي يأسا، ولكنها تتصرف من خلال توقعها حدوث مصادمات مع مجلس الأمن في المستقبل، وربما بشأن إيران وسوريا.
وأشارت المجلة إلى تلميح بعض المعلقين في الأشهر الأخيرة حول ما يقوله الأمراء السعوديون سرا من أن نفاد الصبر المتزايد لدى السعودية سوف ينتج عنه سياسة خارجية جريئة، قد تشمل قيام السعودية بمساعي منفردة من أجل إسقاط نظام الأسد.
واختتمت (الايكونوميست) تقريرها قائلة "إن السعودية تمتلك ثروة هائلة إلا أنها ضعيفة عسكريا، لذا فهي لا تزال بحاجة إلى أصدقاء، لاسيما في ظل إمكانية انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، وهو سبب آخر من المحتمل أن يكون وراء الصمت المفاجىء الذي تلتزم به المملكة".