رئيس التحرير
عصام كامل

لا تخافوا!


أحد أسباب استمرار قرار الإخوان في غيهم واحتجاجاتهم العنيفة المواجهة الضعيفة لهم.. وأحد أسباب ضعف مواجهة الحكومة لهم أنها ما زالت تغالى في مراعاة رد فعل الخارج وتتحسب لغضب الدوائر الأمريكية والغربية!


من الخطأ بالطبع تجاهل الخارج تماما ونحن نرسم خطانا وخططنا الوطنية، لأننا لا نعيش في جزيرة منعزلة وإنما في العالم نتأثر به ونؤثر أيضا فيه.. لكن من الخطأ الأكبر أن نغالى في تقدير ردود أفعال الخارج، أو نجعل الخارج هاجسًا مقيدا لحركتنا، ونحن نمضى في طريقنا لتأسيس وبناء دولتنا الديمقراطية العصرية، أو ونحن نحمى أمننا القومى.. ولو كان ذلك حدث قبل الثالث من يوليو ما كانت قيادة المؤسسة العسكرية قد انحازت إلى الشعب، ولا كنا قد تخلصنا من حكم الإخوان الاستبدادى والظالم حتى الآن.. ربما كان البعض منا قد اعتقل أو لقي حتفه وكان آخرون ينتظرون السجن أو الموت!

بل إن تأثير الخارج علينا الآن في هذه اللحظة التاريخية التى نعيشها تراجع، ولم يعد بذات القدر الذي كان عليه من قبل.. فالولايات المتحدة الأمريكية تتقلص قوتها ونفوذها دوليًا، في ظل المشاكل التي تمسك بخناقها.. ورغم أنها وجدت مؤخرًا حلًا لأزمة موازنتها المالية إلا أن هذا الحل مؤقت وعمره نحو ثلاثة أشهر فقط.. فضلا عن أنها هي وحلفاؤها في الغرب، تواجه صعود قوى دولية أخرى صارت أكثر نشاطًا وفعالية على المسرح الدولى.. ولعل هذا الضعف الذي طال القوة الأمريكية على الساحة الدولية هو الذي يدفعها الآن لتكرار محاولاتها للتصالح مع إيران، بل والاستعداد لتقديم تنازلات لها بخصوص برنامجها النووى وأيضا بخصوص أطماعها في محيطها الإقليمى.

هذا الضعف الأمريكى الذي يقابل استعدادا روسيا وصينيًا لتعاون أكبر معنا يمنحنا ساحة أكبر للحركة، ويحضنا على أن نتخلص من بعبع الخارج، ونحن نقرر ونتصرف ونتحرك داخل بلادنا.

كل ما تستطيع أن تفعله أمريكا الآن معنا هو إطلاق التصريحات التي تنتقدنا، وذلك بعد أن استنفدت تقريبا استخدام سلاح المساعدات العسكرية معنا، وأيضًا سلاح تحريض صندوق النقد الدولى علينا، بعد أن أبلغناه عدم حاجتنا لقروضهم حاليا، وكذلك سلاح الضغط على الدول العربية لعدم مد يد العون لنا، بعد أن تجاهلت السعودية والإمارات والكويت هذه الضغوط.

لعل هذا ما فهمه واستوعبه قادة الإخوان مؤخرًا فلم يعدوا يراهنون مثلما فعلوا في الأسابيع الأولى التي تلت عزل مرسي على تدخل أمريكى وأوربي عسكري، لإعادة حكم مصر لهم بالقوة، ولذلك انطلقوا يمارسون عنفا أكبر وسخطًا أكبر داخل وخارج مصر تعبيرًا عن نقمتهم وتعكير صفو حياتنا انتقامًا منا وسعيًا لتعطيل مسيرتنا لبناء دولتنا العصرية، لذلك.. ليس مفهومًا استمرار الحكومة فـي ترددها وضعفها وهى تواجه محاولات الإخوان إفساد حياتنا، لأن هناك من بين أعضائها من يغالى في تقدير ردود أفعال الخارج..

إننا بذلك التردد والضعف نمنح الخارج فرصة لتوسيع نطاق تدخله في شئوننا الداخلية.. فلنمض في طريقنا بقوة لنحقق لبلدنا ما نريده، ولنواجه عنف وبلطجة الإخوان بحزم لنحفظ لبلدنا أمنها واستقرارها، ولمنعهم من تعطيل مسيرتنا وتخريب اقتصادنا كما يخططون، ووقتها سيأتى إلينا الخارج ويقبل علينا ويعرض علينا التعاون وسيصعد الأمريكان مساعدتهم العسكرية لنا، وربما يعرضون علينا وقتها زيادة هذه المساعدات.. فالأقوياء وحدهم هم الذين يحافظون على مصالحهم وأمنهم.
abdelkadershohaib@gmail.com
الجريدة الرسمية