مصر تغازل روسيا بسحب البساط من أمريكا .. كاتب أمريكي: جمعت 4 مليارات دولار من الخليج لمواجهة الإخوان.. مصر تحاول إثارة غيرة واشنطن.. الرياض تتمرد على واشنطن نحو"بكين" بسبب القاهرة
قدم الكاتب الأمريكي خوان كول، نظرة مستقلة ومستنيرة بشأن الشرق الأوسط والسياسة الأمريكية تجاه العالم العربي، مشيرا لاتجاه الدول العربية إلى روسيا وتوجه الوفد المصري لزيارة روسيا بعد قطع الولايات المتحدة 300 مليون دولار من حزمة المساعدات للقاهرة، لمعاقبة مصر للإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي 3 يوليو، والتكهنات المثيرة حول أن وزير الدفاع عبد افلتاح السيسي يمثل القوة العظمي الجديدة في البلاد.
وقدم كول لمحة سريعة للسياسة العربية في ذروة الحرب الباردة عام 1960 وتوجه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى أحضان الاتحاد السوفيتي من بعد عام 1956.
وزار رئيس الوزراء السوفييتي نيكيتا خروتشوف القاهرة في عام 1964، وكانت الجزائر وسوريا يميلان للاتحاد السوفياتي، وعام 1967 أصبح جنوب اليمن الدولة الشيوعية الوحيدة في المنطقة، واستمال العراق تدريجيا نحو موسكو في بعض الأحيان.
وكان المحللون الاستراتيجيون للولايات المتحدة يشعرون بقلق عميق إزاء المنطقة بأسرها، بعد تحولها لمعقل للشيوعية وامتداد النفوذ الروسية بها، وكان ينظر بقلق شديد نحو قناة السويس والغاز في المنطقة، والنفط والأصول العالمية الرئيسية.
وقامت الولايات المتحدة بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية والقوات المسلمة أو الملكية المحافظة لدفع المنطقة إلى اليمين، ونجح في نهاية المطاف ليتحول الشرق الأوسط إلى اليمين، ولكن كان "هناك جهد مشترك يمثل نقطة عالية، الجهاد لريجان - السعودية ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان عام 1980 والتي انتجت تنظيم القاعدة التي كانت النكسة".
وفي عام 1970 تخلي الرئيس الراحل أنور السادات عن أحضان الاتحاد السوفيتي ليتجه إلى الولايات المتحدة، وكان ذلك انقلابا نتيجة سياسة واشنطن في المنطقة، وأسفر عن ذلك مساعدات أمريكية ضخمة لمصر في عام 1979 تحت مسار معاهدة السلام التي تبنتها واشنطن بين مصر وإسرائيل.
ومنذ ذلك الحين، لم تعد روسيا قوة تقدمية، وأصبحت أنظمة الشرق الأوسط تعتمد في اقتصادها على النفط والغاز، مشيرة إلى أن الحكومات داخل هذه الأنظمة، "أصبحت شبه مستبدة تدعمها القلة من المليارديرات".
وانتقل الكاتب الأمريكي، ليقدم لمحة سريعة عن تاريخ العلاقات الأمريكية – السوفيتية بالشرق الوسط على مدى الأعوام الماضية إلى الوضع الحالي في مصر ورؤية وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "روح مشابهة له".
وزعم كول أن "مصر جمعت 4 مليارات دولار من كل من السعودية والإمارات والكويت لسحق جماعة الإخوان المسلمين؛ لأن دول الخليج تري الإخوان قوة ثورية تهدد الوضع الراهن الملكي في بلادهم".
وقال: حكام الخليج يسعون الحفاظ على وجودهم تحت مظلة الأمن المصري ضد كل من الإخوان وجمهورية إيران الإسلامية وكلاهما ينظر إليها أنها مضادة للملكية والحكم الشعبي.
ورأي كول أن هناك خدعة مصرية بالاتجاه نحو موسكو لكي يجعل واشنطن تغير وإعادة الخطر الروسي للسياسة الأمريكية.
وأضاف: يمكن أن تأخذ المعونة الأمريكية من روسيا بدلا من واشطن وتلعب على التناقضات بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، والهدف رفع مستوي العلاقات الثنائية مستوي جديد حيث سيجتمع وزراء الخارجية والدفاع والرؤساء في منتصف نوفمبر للبلدين في اجتماعات "2+2"، ويأتي ذلك بعد الانتقادات الأمريكية للإطاحة بمرسي وتجميد المساعدات الأمريكية لمصر، وحرمانها من 10 مروحيات من طراز اباتشي وأربع طائرات مقاتلة "إف – 16" والصواريخ المضادة للسفن وقطع الغيار للدبابات.
كما تسببت إدارة أوباما في فقدان مصر 250 مليون دولار من المساعدات النقدية، وتابع: نتيجة لذلك يبحث الجيش المصري في جميع أنحاء العالم عن موردي أسلحة أكثر ثقة، ولكن مازالت اعتقد أنه في المقام الأول أن مصر تحاول إثارة غيرة واشنطن .. لأنها على يقين بأن روسيا لا تملك من المال للحفاظ على مصر.
وما لاشك فيه أن روسيا تلقت فرصة تكتيكية لإعادة العلاقات مع مصر وتحقيق هدفها من انشاء قاعدة عسكرية في إسكندرية بدلا من المنشأة العسكرية في طرطوس السورية، وذلك لن يكون إلا بإقامة علاقات استراتيجية حقيقية.
ومضى الكاتب يقول: أيضا المملكة العربية السعودية عميل للولايات المتحدة منذ عام 1930 إلا انها بدأت تشرد عنها وربما للعاصمة الصينية بكين، فهناك رد فعل عنيف لاستبدادية الشرق الأوسط وعدم الاستقرار الذي أنتجته ثورات الشباب في عام 2011.
واختتم مقالته: مغازلة مصر لموسكو قد يكون مجرد إثارة للغيرة الأمريكية ولكنه أيضا إشارة لبصيص الأمل في الشرق الأوسط للميل لموقف دولي أكثر تعددية .. وربما يعني انتتهاء الهيمنة الأمريكية الكاملة التي كانت في عهد بوش الابن.