رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة فى زنازين القذافى ! ( 3 )


بعد وصلة التعذيب البشعة التي تعرضنا لها في عرض الطريق السريع بني غازي - طرابلس، والذي أغلقوه خصيصا لهذا الغرض الهمجي غير الشريف وغير الأخلاقي.. اقتادونا إلي أحد مقار اللجان الثورية.. ولأن من اعتقلونا كانوا ضباط شرطة ينتمون إلي هيئة أخري، لذا رفضوا في اللجان إدخالنا واعتقالنا.. ولم يجد هؤلاء أخيرا إلا تسليمنا إلي مديرية أمن بني غازي ..


فقد يئسوا من أي استسلام.. فلا اعتذار ولا تراجع رغم أن العشرات مدججين بكل أدوات القمع يعذبوننا تعذيبا حيوانيا قوبل بالتحدي.. إلا أنهم أدخلونا أخيرا زنزانة سيئة تمتلك من القذارة أكثر مما تمتلك من أي شىء آخر.. في حين انطلق زملاؤنا بأتوبيسهم ليتصلوا فجرا بقيادات الحزب الناصري الذي كان برئاسة السيد ضياء الدين داوود رحمه الله.. وأيقظوهم من النوم.. ولخطورة الموقف أيقظوا هم أيضا السفير الليبي بالقاهرة.. والذي اتصل علي الفور بالخارجية الليبية واللجنة الشعبية العامة بطرابلس..!

عند الصباح.. استدعونا منفردين إلي التحقيق.. كان المحقق يتمم عملا روتينيا.. أقوال ومحضر وبدا أنه لا علاقة له بأي قرار وأبلغنا هو بالفعل بأننا سنعود للزنزانة إلي وقت وصول مدير الأمن.. لم نكن نعرف بما جري من اتصالات.. حتي تحقيق مدير أمن بني غازي كان مختلفا.. أراد إقناعنا بأننا اعتدينا علي ضابط شرطة ليبي وصفعه بالقلم ودفعه خارج السيارة وما حولها من تهم مثل تعطيله عن أداء عمله وهي تهم لم تحدث في ليبيا قبل الآن..

وراح مدير الأمن ونائبه يتحدثان بنعومة عن جريمة مثل تلك لو تمت في القاهرة وماذا سنفعل؟ وماذا تنتظرون من القانون ؟ وأسئلة أخري عجيبة تهدد مرة وتطمننا مرة شربنا خلالها مشروبا ساخنا .. نعتقد للحظات أننا مصيرنا حكما مشددا بالسجن.. ونعتقد مرة أننا سنغادر الآن.. ثم أبلغانا فجأة بضرورة تحويلنا فورا إلي المستشفي للبحث عن سبب الآلام الشديدة خصوصا في ذراعي اليمنى والذي فقدت القدرة علي تحريكه تماما.. فضلا عن الدماء التي كانت في أماكن متفرقة عندي وعند رئيس الوفد المصري الأستاذ ياسر عبد الجواد المحامي والناشط الحقوقي البارز الآن.. وفوجئنا بأن مدير الأمن يقدم لنا ظرفين قال إنها مصاريف للعلاج في المستشفي. . رفضنا تماما إلا أنه قال إنها لوائح يجب أن تنفذ.. وأصر إصرارا غريبا لم نفهم سره إلا في القاهرة وكان سرا كارثيا!

.. وبعد فترة طويلة من الإلحاح تطور الأمر إلي قوله إن استلام المبلغ شرط للإفراج عنا، اضطررنا لتسلم المبلغ وكان بالدينارات الليبية ولكن بعد التوقيع بالاستلام.. أما علي الجانب الآخر فقد عرف المصريون ببني غازي بما جري.. وعرف العقيد القذافي أيضا بما جري.. وتحول المشهد إلي صورة أخري مختلفة ومثيرة دفعت بالقصة إلي منعطف جديد ومسار مختلف تماما لكن سوف نكمل تفاصيله غدا إن شاء الله. 
الجريدة الرسمية