رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. قنبلة موقوتة بشارع 6 أكتوبر ببولاق الدكرور.. خط الغاز الرئيسي يعرض حياة 200 ألف مواطن للهلاك.. الصرف الصحي يكشف فساد شركات البترول ومحافظة الجيزة

فيتو

حالة من الاستياء والغضب الشديد تسود مئات الآلاف من المواطنين المقيمين بشارع 6 أكتوبر بناهيا بحى بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة، بسبب المصير المجهول الذي ينتظرهم كل يوم هم وأطفالهم، والذي يتسبب فيه مسئولو الصرف الصحى وشركة توصيل الغاز الطبيعى ومحافظة الجيزة، والذي من الممكن أن يؤدى إلى كارثة حقيقية تقضى على حياة آلاف المواطنين.


فهناك مئات الأسر يعيشون بجوار قنبلة موتة قد تنفجر في أي لحظة وهى خطوط أنابيب الغاز الطبيعى التي تم توصيلها تحت سطح الأرض لتكشف لنا كمًا هائلًا من الفساد الذي يستشرى بالمؤسسات الحكومية المنوط بها استلام الأعمال التي تتعلق بأرواح المواطنين من الشركات الخاصة.

تبدأ قصة الإهمال الحكومى حينما أسندت الشركة القابضة للغازات الطبيعية ومحافظة الجيزة أحد مشروعات توصيل الغاز الطبيعى إلى شارع 6 أكتوبر بناهيا بحى بولاق الدكرور الذي يقطنه 200 ألف مواطن، إلى إحدى شركات الغاز للمنازل، منذ أكثر من 10 سنوات.

وبالفعل تم عمل التوصيلات العمومية ووصلات المنازل وتم التشغيل واستلام الأعمال من المقاول المنفذ تحت إشراف لجنة متخصصة مكونة من شركة البترول الحكومية ومحافظة الجيزة، ومرت السنوات دون وقوع أي خسائر، ولكن شاء القدر أن تكشف الصدفة وحدها حجم الفساد حينما قام أهالي شارع 6 أكتوبر بتقديم عدة شكاوى للمسئولين لتجديد شبكات الصرف الصحى المتهالكة بالشارع ولكن دون جدوى.

ثم قامت "فيتـو" منذ شهر سبتمبر الماضى بجولة ميدانية رصدت فيها الآثار المدمرة لمياه الصرف الصحى التي أغرقت الشارع والشوارع المجاورة، وفى استجابة سريعة لمحافظ الجيزة لما نشرته فيتو بعنوان "الصرف الصحي يُغرق شارع 6 أكتوبر بناهيا ويهدد حياة المواطنين"، شكلت لجنة من حى بولاق الدكرور وشركة الصرف الصحي والأهالي لحل هذه المشكلة وتبرع رجل الأعمال "طارق نديم" بنحو 120 ألف جنيه لشراء مواسير صرف صحى جديدة.

تخاذلت المحافظة بعد ذلك في تنفيذ وعودها بحل مشكلة الشارع الأمر الذي جعل الأهالي يطرقون باب وزير الإسكان المهندس إبراهيم محلب الذي أمر بتشكيل لجنة وحل مشكلة الصرف الصحى فورًا، وبالفعل تم تشكيل لجنة ثانية مكونة من المهندس حنفى محمد حنفى رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة، وأسامة السقعان رئيس حى بولاق الدكرور، وبعض المسئولين التنفيذيين بالحى والمحافظة، وأيضًا بحضور المستشار عماد إبراهيم كامل ومصطفى عمران زوام ممثلين عن أهالي الشارع، وأنور يوسف محمد ممثل عن رجل الأعمال المتبرع بثمن مواسير الصرف الصحى للشارع، وذلك لمناقشة مشكلة شارع 6 أكتوبر، وتكرار ظاهرة الطفح المستمر للصرف الصحى.

أثبتت المعاينة على الطبيعة أن جميع الشوارع الجانبية لهذا الشارع مخدومة بالصرف لكن عكس اتجاه الشارع المذكور بطول 430 مترا طوليا.

وبعد المعاينة تم الاتفاق على قبول تبرع رجل الأعمال لشراء مواسير الصرف، قطر 10 بوصة بطول 506 أمتار بالإضافة إلى مواسير أخرى 8 بوصة بطول 150 مترا، وقيام شركة الصرف الصحى بالجيزة بتنفيذ مشروع تحسين الصرف بالشارع المذكور طبقًا للأصول الفنية واستخدام ما يقوم به الأهالي من توريدات يتم إدخالها مخزن الشركة رسميًا، بالإضافة إلى قيام حى بولاق الدكرور باستخراج جميع التصاريح اللازمة للحفر وإعادة الشيء لأصله، وكذلك تحويل المرافق إن وجدت.

وبالفعل تم كل ذلك، وعندما بدأ العمل في تجديد شبكة الصرف الصحى كانت المفأجاة الكارثية، حيث وجد خط الغاز الطبيعى العمومى تحت سطح الأرض على عمق متر ما أعاق مواصلة العمل، وكان لا بد من تغيير مسار خط الغاز حتى يتم تركيب مواسير الصرف، وتم تحرير محضر رسمى عرض على نائب محافظ الجيزة، الذي أكد أنه ليس له علاقة بمشروعات الصرف أو شبكات الغاز، وأكد أن شارع 6 أكتوبر خارج خطة المحافظة في الميزانية ولا توجد أموال بالمحافظة لمثل هذه الشوارع؛ لأنها أماكن عشوائية وتقسيم مخالف، بالرغم من أن جميع الأهالي والمحال التجارية الموجودة بالشارع تقوم بدفع جميع مستحقات الدولة من ضرائب وعوائد وكهرباء وقمامة وتراخيص ومخالفات ولكن المحافظة لا تعترف بهم.

أما القنبلة الموقوتة والتي من الممكن أن تنفجر في أي وقت ويضيع بسببها آلالف الأرواح الأبرياء هي خط الغاز الطبيعى الموجود على عمق واحد متر من سطح الأرض والذي يتعرض كل يوم للانفجار، خاصة إذا مرت عليه سيارات نقل ثقيل أو بلدوزرات، ومن المفترض وحسب قوانين الحماية والأمان في توصيلات خطوط وأنابيب الغاز الطبيعى بالشوارع الرئيسية أن يصل عمق خطوط الأنابيب إلى 2 متر على الأقل، ولكن يبدو أن الفساد في محافظة الجيزة وحى بولاق الدكرور وصل إلى ذروته والتلاعب بأرواح المواطنين واستلام الأعمال من الشركات المنفذه بالرشوة والفساد.

ويقول المستشار عماد إبراهيم كامل، من سكان شارع 6 أكتوبر، إن هذا الشارع يعتبر من أكبر الشوارع التجارية بحى بولاق الدكرور ويعانى من مشكلة الصرف الصحى منذ أكثر من 10 سنوات ما أدى إلى إصابة أهالي المنطقة بأمراض مختلفة مثل "الفشل الكلوى، والتهاب الكبد الوبائى، والتهاب الرئة" بالإضافة إلى تآكل جدران المنازل والأساسات ووجود مياه الصرف بحجرات المعيشة في بعض المنازل، مشيرًا إلى عدم وجود خط صرف صحى رئيسى بالشارع، ما أدى إلى انسداد الشوارع الجانبية وطفح مياها على الشارع الرئيسى ووصول هذه المياه إلى داخل المحال ما تسببت في غلق العديد منها بسبب عدم مرور المواطنين بالشارع والوقوف لشراء احتياجاتهم.

وقال مصطفى عمران زوام، من أهالي شارع 6 أكتوبر، تقدمنا بعدة شكاوى للمسئولين بالحى والمحافظة الذين كانوا يعالجون المشكلة بمسكنات لا تسمن ولا تغنى من جوع، وهى إرسال سيارات الصرف الصحى المتهالكة للقيام بشفط المياه من الشارع ثم تعود المياه مرة أخرى، وظل الحى والمحافظة "يماطلان" في عملية الإصلاح حتى تم عرض شكوانا على المهندس إبراهيم محلب، وزير الإسكان، الذي أمر بسرعة توصيل وإصلاح الصرف الصحى بالشارع ولكن كانت هناك مشكلة أخرى وهى وجود خط الغاز الطبيعى بالشارع مما أعاق عملية الإصلاح والتجديد.
الجريدة الرسمية