رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة فى زنازين القذافى ! ( 2 )


..كانت كل الاستعدادات من الضباط الليبيين تقول إننا ذاهبون إلي التحقيق وإلي مخفر الشرطة لا محالة.. وأن محاصرة الأتوبيس الذي يضم وفد الشباب المصري والذي يمثله بالكامل شباب التيار الناصري - والذي احتكر تقريبا تمثيل مصر في هذا المخيم الشبابي السنوي - ليست إلا للقبض علينا والذهاب بنا إلي هناك.. ولذا لم يلتفت الضابط الليبي ومساعدوه إلي صورة جمال عبد الناصر علي التي شيرتات التي نرتديها.. بالطبع رآها لكنه علي عكس ما توقعنا لم يعمل لها أي اعتبار !


حاول الضابط دفعي بالقوة إلي خارج الأتوبيس.. لذا كان طبيعيا أن ندفعه وبشكل لم يتوقعه إلي خارج السيارة! وربما كانت هذه آخر علم لنا بما حولنا!.. فقد كان التصرف الذي أدي لحالة هياج شديدة عند الضابط وجنوده.. ولذلك لا نتذكر الطريقة التي أنزلونا بها من الأتوبيس.. المؤكد فيما جري أشياء شعرنا بها وأخري حكاها لنا زملاؤنا.. وكان فعلهم معنا شنيعا إجراميا بشعا.. لا رجولة فيه ولا شطارة.

وقديما قال أجدادنا وتناقلنا عنهم وكانوا محقين أن "الكثرة تغلب الشجاعة"، فقد أراد الضابط الليبي الانتقام لنفسه ولكرامته.. كانت الصفعة التي صفعناه إياها قد أطارت صوابه.. وأبلغونا فيما بعد أنها ربما كانت المرة الأولي والأخيرة أن يصفع ضابط ليبي هكذا.. أو حتي غير هكذا.. من ليبي أو غير ليبي.. لذا كان الانتقام حيوانيا..

كتيبة كاملة تعتدي علينا أنا والأخ العزيز ياسر عبد الجواد المحامي والحقوقي البارز رئيس الوفد كما قلنا في مقال الأمس.. ورغم أنه لا ذنب له فيما جري بل كان كباقي الوفد نائما ولم ير ولم يفعل شيئا إلا أنه كان صامدا بشكل مدهش.. تعود علي سلوكيات كتلك في نشاطه السياسي الجامعي.. وقد كان مطلوبا علي ذمة تنظيم ناصري مسلح.. ولاقي ما لاقي.. وعاش لحظات الموت التي رأيناها بأعيننا علي الطريق العام السريع طرابلس بني غازي بكل تحد..

لقد بدأ التعذيب بسحب أجزاء البنادق الآلية.. للتخويف والرعب.. ثم الضرب بالعصي الغليظة ومؤخرات البنادق والعصي الكهربائية.. ولأن الطريق تم قطعه لينفذوا جريمتهم كما يريدون، لذا شاهد الكثيرون الجريمة النكراء والفعل البغيض.. ولكن تنبه الليبيون أخيرا إلي الأتوبيس وبداخله الوفد المصري والذي كان محاصرا بكتيبة أخري مسلحة.. لذلك لم يستطع أحدهم النزول للدفاع عنا.. لكن أصيب كل من بداخله بالهيستريا والبكاء بمن فيهم صاحب الواقعة الأساسية الإعلامي بقناة النيل جلال عوارة.. لذا أمرهم الضباط الليبيون لهم بالانصراف..

وقد كان هذا الأمر هو طوق النجاة لنا.. كيف ذلك؟.. وإلي أين ذهبنا نحن أو للدقة إلي أين ذهبوا بنا وقد كان أقرب مركز تعذيب تابع للجان الثورية علي بعد كيلومترات قليلة؟ وكيف انقلبت الدنيا بعد ساعات قليلة؟ وهل عرف القذافي فعلا بما جري؟
سنقول لكم التفاصيل في مقال الغد..
الجريدة الرسمية