"يناير" تعود لأحضان "التحرير".. المتظاهرون يتوافدون من المحافظات.. لافتات رحيل الرئيس تملأ الميدان.. ولجان التأمين تعود للعمل من جديد.. و"البلاك بلوك" يحمى "الثوار"
مع الساعات الأولى من يوم الجمعة 25 يناير 2013، وبعد غياب دام 24 شهرا عادت روح ثورة الخامس والعشرين من يناير لميدان التحرير من جديد لترفرف على كل شبر فيه، ترفض صناعة ديكتاتور جديد أو بمعنى أدق إله، كما عبر المتظاهرون الذين أوشك الميدان أن يكتظ عن آخره بهم.
فعلى أطراف الميدان نفس المشهد الذى كان عليه الوضع بعد جمعة الغضب فى ٢٨ يناير ٢٠١١، فالأسلاك الشائكة ولجان تأمين الميدان عادت لسيرتها الأولى، وبنفس وضعيتها فيتم تفتيش كل من يشتبه فيه القائمون على عملية التأمين، والملاحظ أن من يقومون بعملية التأمين تترواح أعمارهم بين ٢٠ و ٣٠ عاما ومعظمهم ينتمون للتيار الشعبى.
فى يناير ٢٠١١ كانت الشعارات تملأ ميدان التحرير وكان على رأسها "يسقط يسقط حكم مبارك"، واليوم لم يتغير الأمر كثيرا فذات الشعارات تملأ نفس الميدان وتجوبه وتجوب الشوارع المحيطة به مع تغيير بسيط، فبدلا من إسقاط حكم مبارك تركزت الشعارات حول هدف واحد "يسقط يسقط حكم المرشد"!
المنصات الموجودة بالميدان لا صوت يعلو فيها على هتاف يسقط حكم المرشد، فيما تبارى الناشطون فى كتابة كلمات واضحة على أرضية الميدان جميعها ترفض حكم الإخوان.
كل شىء فى الميدان بات يعيد للأذهان ما كان يحدث فى ثورة يناير المجيدة، وكأن الزمان يعود للوراء مستخدما عقارب ساعة معكوسة.
المتظاهرون الذين أطلقوا شرارة ثورة يناير هم من يسيطرون الآن على الميدان شرقه وغربه وشماله وجنوبه، فهم من يشكلون كردونات بشرية حول الفتيات والسيدات خوفا من التحرش بهن مثلما كان يحدث فى يناير.
مسيرات المحافظات بدأت هى الأخرى فى إعادة مجد يناير وتوافدت بكثافة على ميدان التحرير لتمثل دعما واضحا للمتظاهرين الموجودين به، فقد وصلت عدة مسيرات قادمة من محافظة الدقهلية تحمل شعارات تطالب بإسقاط حكم الإخوان.
وهناك بالقرب من مدخل شارع طلعت حرب من ميدان التحرير لافتة مكتوب عليها "عيادة الدكتور علاء عبدالهادى" التى أقامها أصدقاء الشهيد الذى دفع حياته ثمنا لإنقاذ مصابى أحداث مجلس الوزراء أواخر العام الماضى، وصمم أصدقاؤه أن يقيموا هذه العيادة فى نفس المكان الذى كان يتظاهر فيه علاء عبدالهادى مطالبا بسقوط نظام مبارك ونهاية حكم العسكر، أصدقاء علاء رفعوا بدورهم نفس المطالب مع استبدال كلمة مبارك بمرسى وجماعته.
مسيرة أخرى جاءت من محافظة الشرقية، مسقط رأس الرئيس محمد مرسى تطالب بإقالته وإجراء انتخابات مبكرة.
الصعايدة لم يغيبوا عن ميدان التحرير، فقد وصلت أعداد كبيرة من المتظاهرين للميدان من محافظات أسيوط وبنى سويف والمنيا وسوهاج وقنا ومعظمهم من التيار الناصرى، جاءوا للميدان رافعين صور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
اليوم بات لا صوت يعلو فى الميدان فوق صوت إقالة مرسى ومحاكمته، ويبدو فعليا أن ما يشهده التحرير ثورة جديدة يشارك فيها الجميع ما عدا جماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها.
الميدان بات مكتظا على الرغم من عدم وصول المسيرات الكبيرة إليه حتى كتابة هذه السطور.
فمسيرة مسجد الفتح برمسيس توقفت أمام دار القضاء العالى، وقامت مجموعة من "ألتراس أهلاوى" بالوقوف أمام باب محكمة النقض، مرددين هتافات "قتلوا الألتراس الأحرار علشان وقفوا مع الثوار"، و"القصاص القصاص دم بدم رصاص برصاص"، و"نائب عام من الإخوان يعنى كوسة وبتنجان"، و"حرية وعدالة إخوان مافيهاش رجالة" و"بص شوف الثورة يا خروف".
فيما تحرك المئات من المتظاهرين من محيط ميدان السيدة زينب فى اتجاه ميدان التحرير، رافعين أعلام ألتراس زملكاوى "وايت نايتس" والتيار الشعبى والتحالف الاشتراكى وحزب 6 إبريل.
وردد المتظاهرون خلال المسيرة هتافات: "يسقط يسقط حكم المرشد"، "إرحل يا مرسى"، "الشعب يريد إسقاط النظام"، ومنذ قليل تحركت مسيرة تضم المئات من المتظاهرين من مسجد مصطفى محمود، وعلى رأسها الدكتور محمد البرادعى رئيس حزب الدستور وتتجه إلى ميدان التحرير، وهتف المتظاهرون: "يسقط يسقط حكم المرشد" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
كما تحرك المتظاهرون من ميدان دوران شبرا للمشاركة فى تظاهرات الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، ومن أبرز المشاركين فى المسيرة التيار الشعبى، وحركة شباب 6 إبريل بجبهتيها، والاشتراكيين الثوريين، وقسم المتظاهرون أنفسهم إلى مجموعتين: إحداها أمام مسجد "الخازندار"، والأخرى تقف بمنتصف الدوران استعدادا لانطلاق المسيرة عقب صلاة الجمعة باتجاه ميدان التحرير.
وشارك مجموعة من أعضاء حركة البلاك بلوك فى مسيرة دوران شبرا وذلك لحماية المتظاهرين وتأمينهم، وطالب أحد الملثمين المتظاهرين بعدم تجاوزهم لأنهم أخذوا على عاتقهم تأمين التظاهرة ما استجابت له كل التيارات المشاركة بالمسيرة ووصلت المسيرة منذ قليل إلى مدخل نفق شبرا ، وتعالت الهتافات داخل المسيرة بمطلب" الشعب يريد إسقاط النظام" .
المسيرات لا تتوقف وأعداد المشاركين فيها تتزايد وجميعها تتجه صوب التحرير فى جمعة غضب جديدة ضد حكم الإخوان ومحاولة "أخونة"مصر.
وكما الحال فى العاصمة شهدت مختلف المحافظات حشودا هائلة من المتظاهرين الذين انتفضوا لرفض حكم الدكتور محمد مرسى وجماعته.