فرصة العرب الأخيرة
أمريكا تغازل إيران.. تركيا ولاية أمريكية، وأمريكا تحت السيطرة الإسرائيلية.. والخليج كنز الطاقة، والطاقة روح الغرب وأمريكا، ومصر حجر الاستقرار في المنطقة... معادلات بدأت تطرح نفسها رغما عن الجميع.. السعودية ترفض في تحدٍ قبول عضوية مجلس الأمن.. إشارة عربية أكثر استقلالا.
لم يعد إلا أن نعود للأقدار.. مصر قدر العرب والعرب قدر مصر.. باجتماعهم تستقيم الأمور وتصبح هناك قوة في مواجهة قوة.. والقوى هنا ليست للاقتتال وإنما قوى من أجل الحياة.. خاضت مصر تجربة العزلة وساعدها العرب على تضييق العزلة.. خسرنا وخسر العرب.. والفرصة المواتية أكبر من أحلامنا، وتحديات تحقيق الفرصة ليست نزهة.
الأمريكان علقوا المساعدات العسكرية.. مصر الشعبية تتوجه على الفور إلى روسيا، وروسيا تقوم بتمارين الإحماء على الخط.. الأهداف تتقارب دون أن تتوحد.. روسيا تحركها رغبة العودة كلاعب أساسي ومصر أيضا.. العرب جربوا الارتماء في حضن واشنطن، وبدا واضحا أن غدر حضنها أكبر من دفئه.. باختصار العالم يتشكل من جديد.
وكلما تشكل العالم من جديد كانت الفرص المهدرة من العرب أكبر بكثير من تلك التي يسجلون فيها أهدافا لشعوبهم ولاستقلالهم ولحريتهم.. الآن فرصة اللحظة الأخيرة؛ إما أن نكون أو لانكون.. طاقات العرب أكبر من إراداتهم، وإرادة العرب ظلت دوما حبيسة الأفق الضيق والمصالح المحدودة.. ليس مهما من يقود بقدر أن يكون مهما أن نعيش أحرارا أو نموت أحرارا أيضا.
إيران العصية تلين والخليج اللين يستعصى، ومصر التي أرادوها جسدا بلا حراك تستعيد روحها القومية والعربية.. الرفض السعودي ولادة لإرادة عربية جديدة تتلاقى معها إرادة مصرية في الاستقلال ومواجهة التبعية.. استقلال لايعلن الحرب وإنما يعلن الحياة.. لانريد مواجهة، فإن فرضت فلا مناص منها ولدينا من أدوات المواجهة ماهو أبعد من تصوراتنا.. هناك قوى أخرى.. هناك الصين وروسيا وشريكتنا في النضال ضد الاستعمار أمريكا الجنوبية.. هناك إفريقيا التي تعانى مما نعانى.
لدينا أوراق ولديهم كروت.. «المنتصر» هو من يعلى إرادة الشعوب.. الحكومات تهزم والأنظمة تسقط.. فقط تحيا الشعوب وقد ظلمنا شعوبنا كثيرا.. ظلمناها عند الحرب وعند الهزيمة وعند النصر، وقد جاء دورها لكي تتحمل تبعات الحرب وتفوز بغنائمها.. ولأن الشعوب لاتهزم فقد جاء الوقت الذي تسوقنا فيه الشعوب دون وصاية..
أقول ذلك لأنه لايوجد مواطن عربي يكره الوحدة أو يقف حجر عثرة في طريقها.. الآن وليس بعد الآن.. الآن يمكننا أن نكون جزءا من الإسهام الحضارى من أجل حياة كريمة لنا ولغيرنا دون عنصرية أو خضوع.