«أزمة طاقة جديدة تحاصر الببلاوي».. الديون تدفع شركات البترول لإحراج الحكومة.. 9.2 مليار دولار تهدد بتصاعد الأزمة.. خبراء البترول: عدم السداد يعني كارثة والمعونات العربية «المنقذ»
التصريحات الوردية المستمرة من وزير البترول المهندس شريف إسماعيل، بشأن تسديد مستحقات شركات البترول الأجنبية لدى الحكومة المصرية، وتأكيده المستمر بعدم هروب وانسحاب المستثمرين الأجانب من السوق المصرية، والتفاوض معهم على جدولة المديونيات وتسديد جزء منها، يعتبرها كثير من الخبراء الاقتصاديين تصريحات للاستهلاك المحلي فقط.
ويرى عدد من الخبراء أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، وهو الأمر الذي يهدد بأزمة طاقة تؤدى إلى كارثة في وسائل المواصلات والمصانع والكهرباء، ويبلغ حجم ديون شركات البترول الأجنبية في مصر نحو 9.2 مليار دولار مستحقات نتيجة توريدها الغاز والبترول لمصر.
ومن أهم الشركات العالمية التي تعمل في مجال البحث والاستكشاف والإنتاج في مصر، والتي بالفعل هددت بالانسحاب شركة "أباتشى" الأمريكية، التي باعت 33% من حصتها إلى مجموعة "سينوبك" الصينية مقابل 3.1 مليارات دولار، وأيضًا شركة "فيجاس" اليونانية التي باعت حصتها في الحقول المصرية إلى شركة "زين هاو" مقابل 800 مليون دولار، بالإضافة إلى تهديد بعض الشركات العالمية بالانسحاب من الحقول التابعة لها في مصر، ومنها شركات "بريتش جاز" البريطانية، و"شل" و"توتال".
وتعول وزارة البترول على مساعدات الدول العربية التي تقدمها الإمارات والسعودية والكويت بمد الحكومة المصرية بمنتجات بترولية لمدة عامين، ولكن بعد انتهاء العامين ماذا سيفعل الوزير في الأزمة المقبلة، خاصة بعد أن تكون الشركات الأجنبية قد انسحبت تمامًا من السوق المصرية؟
الدكتور رمضان أبو العلا الخبير البترولي، يرى أن ديون الشركات الأجنبية لدى مصر هي تراكمات من الحكومة الحالية والحكومات السابقة، وذلك بسبب إهدار ثروات مصر البترولية، وأن وزارة البترول كانت تصدر الغاز لشركات البتروكيماويات بأسعار متدنية جدا بالرغم من أن هذه الشركات تحقق أرباحًا هائلة من منتجاتها التي تصدرها بالأسعار العالمية، دون النظر إلى البعد الاقتصادي والتفريط في ثرواتنا البترولية.
وأضاف أن "مصر كانت تتحمل شراء البترول الخام من الشركات الأجنبية بالأسعار العالمية وتورده إلى المصانع كثيفة الإنتاج بأسعار متدنية، وبالتالي تراكمت الديون على الحكومة، لذلك يجب أن تكون هناك مصداقية لدى الحكومة المصرية في تسديد ديون الشركات وفى عملية التفاوض معها، لأنه إذا فقدت مصر المصداقية لدى هذه الشركات يؤدي ذلك إلى كارثة محققة ينتج عنها أزمة طاقة شديدة في مصر، وأيضًا في الاستثمارات المستقبلية في مجال البترول".
لكن الدكتور إبراهيم زهران - خبير البترول العالمي- أشار إلى أن شركات البترول الأجنبية لن تستطيع الانسحاب من حقولها التي أنتجت منها البترول، بسبب وجود مستحقات متراكمة لها لدى الحكومة المصرية، لأنه إذا انسحبت هذه الشركات من حقولها فلن تحصل على باقي مستحقاتها، لذا تفضل البقاء مع عدم التزامها بتنمية وصيانة الحقول، وتخفض الإنتاج لإحداث أزمة في إنتاج الوقود، قد تؤدى إلى
إفلاس مصر بسبب عمليات الاستيراد، فتضطر الحكومة إلى الاقتراض من الخارج أو من البنوك المصرية لسداد مديونيات الشركات الأجنبية حتى تستطيع تنمية حقولها التي تنعكس على زيادة عملية الإنتاج.
أما الدكتور جمال القليوبي - أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية – فيرى أن "ديون الشركات الأجنبية لدى مصر هي بداية تداعيات الفوضى الاقتصادية، وذلك بسبب عدم وجود خطة تنموية متفق عليها بين الشركات الأجنبية والشريك المصري المتمثل في وزارة البترول، بالإضافة إلى تخاذل الشريك الأجنبي وتهديده بالانسحاب".
وشدد: "بالرغم من الأموال الطائلة التي حصلت عليها من النظام السابق كأرباح، إلا أنها تأتى فجأة وتقرر وقف أعمالها أو إعطائها مستحقاتها المالية لكي تحرج الحكومة المصرية أمام شعبها في ذلك التوقيت الحرج، واستخدام هذه الشركات لهذا التوقيت ليس له إلا معنى واحد وهو أنها أدوات خارجية لبعض الدول التي تريد تدمير الاقتصاد المصري بسبب ثورة التصحيح التي قامت في 30 يونيو وأطاحت بنظام الإخوان".
وتطرق إلى أن "مصر لا تستطيع التغلب على هذه الدول لأنها قامت منذ 30 عامًا بفتح أراضيها ومواردها لكثير من المستثمرين، وعلى سبيل المثال المستثمرون الأمريكان والهولنديون والفرنسيون والإيطاليون، الذين امتصوا ثروات مصر خلال 30 عامًا مضت وحصلوا على أرباحهم وقدرتهم وسمعتهم على حساب مصر، وكان من الأولى أن تقف هذه الدول مع السيادة المصرية وكلمة الشعب في الوقت الحالى، ولكن ما يحدث الآن ما هو إلا مخطط دولي لضرب اقتصاد مصر".